لم يكن المؤتمر الصحافي لرئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، عابرا، بالرغم من اختصاره، بل شكل خارطة طريق سياسية سيعتمدها وحزبه خلال المرحلة المقبلة، اقله الى حين حصول الانتخابات النيابية .
بعد احداث عديدة، كان للاشتراكي علاقة مباشرة او غير مباشرة فيها، خرج جنبلاط ليرسم شبكة من الخطوط العريضة التي تحدد اتجاهه السياسي الحالي، اذ اكد من خلال تناوله حادثتي شويا وخلدة انه ليس من مناصري الانفلات الامني بل انه يصر على تحصين الواقع الاهلي، اذ ان جنبلاط ووفق مصادر مطلعة، يرى ان الفوضى تهدده سياسيا بشكل مباشر.الدليل على ذلك انه لم يذهب الى التصعيد الخطابي في اي من الاحداث الامنية التي حصلت، ان كان في شويا حيث ارتباطه مباشر بالحدث او في خلدة حيث يمون بشكل كبير على العشائر فيها.
في الوقت نفسه، اوصل جنبلاط رسالة واضحة الى حلفائه السابقين، موحيا انه ليس في وارد ان يكون رأس حربة في مواجهة “حزب الله” ، معلقا على حادثة شويا قائلا: “مشكورين بس نحن منحلها داخليا”. لا يريد جنبلاط الدخول في صراع مع الحزب، وهو يعتقد انه عندما عرض على قوى سياسية اخرى تأسيس جبهة لمواجهة العهد، تخلف الجميع، وبالتالي فهو ليس مستعدا اليوم، وفي هذه الظروف المعيشية والاقليمية ، للذهاب الى مواجهة الحزب.عدم رغبته بالمواجهة جعلته يسحب يده من الوساطات التي كان قد دخل فيها مع عرب خلدة، اذ اكد انهم لم يلتزموا بما تعهدوا له به، لذلك فهو لم يعد معنيا بالدور الذي لعبه منذ وقوع الحادثة. وهذا التنصل من الوساطة لا يمكن فهمه الا بوصفه عدم رغبة بتحمل مسؤولية عدم تسليم المطلوبين للجيش امام “حزب الله” الذي يأخذ احداث خلدة في جدية مطلقة.وبحسب المصادر فإن جنبلاط فتح المعركة الانتخابية على المجتمع المدني من خلال اتهامه بإهدار المساعدات العينية او المالية التي تصل إليه، بالتوازي مع حديثه عن ضرورة وصول المساعدات التي تحصل عليها الدولة في لبنان الى الشريحة الدرزية.لكن جنبلاط، وبالرغم من هذا الخطاب ، حافظ على ثوابته السياسية العامة، اذ اصر على الظهور كمن يخاصم “حزب الله” سياسيا ويخاصم النظام في سوريا، من خلال وصف عمليات التهريب التي تحصل الى سوريا بالسرقة، كما انه ندد بإطلاق الصواريخ من القرى من دون ان يشن هجوما على الحزب.وفي الملف الحكومي اكد جنبلاط على موقفه القديم الجديد الذي يؤيد التعجيل في التشكيل، اذ ان الرجل يعتبر ان الحكومة ستحقق عدة اهداف اهمها منع الارتطام الكبير ووضع حدود واضحة للخلاف السني – الشيعي الذي يرى جنبلاط ان تطوره سيؤدي الى ازمة وجودية درزية..