التربية والاستشفاء في خبر كان

14 أغسطس 2021
التربية والاستشفاء في خبر كان

كتبت هيام قصيفي في “الاخبار”: لم يتحرك الفاتيكان لدعوة رؤساء الكنائس المشرقية، الشرقية والغربية، إلى لقاء جامع في الأول من تموز الفائت، إلا حين وصلت إليه من المرجعية الأرمنية الأرثوذكسية الأعلى، تفاصيل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تترك تداعيات مباشرة على الأوضاع الاستشفائية والتربوية.

فاي أطباء وأي مهندسين وأي طلاب سيتخرجون في قطاع متروك منذ أكثر من سنتين وسيكون مهملاً أكثر في شكل غير مسبوق؟ وما نفع المبادرات التي يقوم بها رجال أعمال لتمويل أقساط محتاجين، إذا كانت المدارس ستنهار الواحدة تلو الأخرى، ما عدا تلك التي تتبع مؤسسات أوروبية أو أميركية وتقوم بعملية استنفار واسعة للبقاء على قيد الحياة أكثر وقت ممكن؟ ورغم كل المشهد المأسوي لم يحصل أي تحرك كنسي فاعل وشامل، واعياً للمخاطر الحقيقية التي يتعرض لها القطاع، ووضع خطط لإنقاذه والاستفادة فعلياً من المساعدات والأجهزة في بلاد الاغتراب والكنائس في أوروبا وأميركا.
ما يتداوله ذوو الاختصاص في التربية والصحة أن هذين القطاعين لن ينهضا قبل سنوات طويلة، في ظل الأزمات المتلاحقة التي ضربتهما. فهجرة الممرضين والأطباء ليست خبراً اقتصادياً عادياً، كما يحصل في المستشفيات التي تتبع في شكل مباشر المؤسسات الكنسية. فربطاً بين هجرة الأطباء والأساتذة والممرضين الكفوئين كيف يمكن لهذا القطاع أن يوازن بين الصحة الاستشفائية وأوضاع العاملين فيه، وكيف يمكن من الآن وصاعداً الاتكاء على نظام استشفائي متين وفاعل مع الهجرة وتراجع مستوى جيل جديد خارج من كمية أزمات متلاحقة؟ إضافة إلى أن هذه المستشفيات متعاقدة مثلاً مع جهات ضامنة بعضها كنسي ويتبع لمجلس البطاركة الكاثوليك، لكن مرضى هذه الفئات أصبحوا تحت رحمة الاستشفاء بأسعار خيالية ليس بمقدورهم جميعاً تأمينها، إذا كان أبسط علاج الأمراض السرطانية يحتاج إلى ما يناهز 70 مليون ليرة، ليصبح المريض عالقاً بين المستشفى والجهة الضامنة وكلاهما يشكو ارتفاع الأسعار ولا مرجعية كنسية يحتكمون إليها وتعالج كل هذه المشكلات.
والقطاع الصحي الذي يحاول الفاتيكان المساعدة لتأمين احتياجاته، قطاع متكامل من الاستشفاء إلى الأدوية إلى طب الأسنان والعيون وكل الحاجات البديهية التي ستجعل اللبنانيين عرضة لانهيار حياتهم ونظامهم الشخصي الصحي. كل ذلك سلة متكاملة، لا يمكن أن تتهاون بها المرجعيات الدينية التي تروج في الخارج أنها تعمل عليها، في حين أن قلة من المطارنة والأساقفة معدودة تعمل حقيقة على سد الحاجات المجتمعية، لكنهم غير قادرين على مواجهة أزمة مستفحلة في قطاعات كبرى. وهو الذي كان مطلوباً من الكنيسة بعد لقاء الفاتيكان، لكن كل ما فعلته الكنيسة أنها لا تزال متخلية عن أدنى واجباتها. أما ما طلبه الفاتيكان فأصبح في خبر كان.