لا يزال المشهد الداخلي يعيش ارتدادات وتداعيات قرار مصرف لبنان برفع الدعم عن المحروقات والذي أصاب مختلف القطاعات الحيوية من الأفران والمستشفيات والصيدليات والسوبرماركات في صورة لم يشهدها ويعهدها لبنان في تاريخه، وسط حال من القلق والضياع والذهول خيمت على المواطنين في مختلف المناطق، قد لا تكون ثمة مغالاة في القول أن يوم أمس شكل احد أسوأ أيام الفوضى الزاحفة والمتدحرجة بسبب التخبط الهائل في تحمل الدولة لتبعات المسرحيات السياسية والسلطوية الفاقعة التي تجري على وقع عذابات الناس وذلّهم وسط تحوّل لبنان جحيماً بكل ما للكلمة من معنى ومحتوى دراماتيكيين.
وتحت عنوان “عون يطلب رأس سلامة.. فهل يطير رأس الحكومة؟” ابدت مصادر سياسية عبر “اللواء” استغرابها الشديد، لقيام رئيس الجمهورية ميشال عون بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد، برغم معرفته المسبقة، بعدم موافقة رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب، على هذا الطلب، بعدما كان رفضه سابقا اكثر من مرة، لعدم دستوريته من جهة، ولمنع اعادة تعويم الحكومة المستقيلة للتهرب من مسؤولية تشكيل حكومة جديدة من جهة ثانية. واشارت المصادر، إلى ان الدعوة لاجتماع الحكومة المستقيلة في هذا الظرف بالذات، لبحث الازمة الضاغطة بكل المجالات، يخفي وراءه اهدافا ملتبسة وغير سليمة على الاطلاق، مهما تفنن المسؤولون المخفيون عنها لاخفاء اهدافها الحقيقة، وهي معروفة، وفي مقدمتها، تنصل رئيس الجمهورية من فشل الاجراءات التي اتخذها انفراديا ومن جانب واحد وبغياب رئيس الحكومة خلافا للدستور، والتي فاقمت الازمة، بدل حلها ومحاولة تحميل المسؤولية ورفع الدعم عن المحروقات، لحاكم المصرف المركزي رياض سلامة، وجعله كبش محرقة والطلب من الحكومة إتخاذ قرار باقالته من منصبه، على أمل توظيف مثل هذا القرار اذا تحقق، في اعادة بعض من الهيبة المفقودة لرئيس الجمهورية في مواجهته الخاسرة امس الاول مع الحاكم. وهو في صدد درس الخيارات البديلة منها توجيه رسالة الى مجلس النواب.
وفي سياق متصل، رأت مصادر واسعة الاطلاع لـ”نداء الوطن” تحت عنوان “المنظومة” الحاكمة مذعورة… وسلامة “يكذّب” عون!” أنّ الحملة الشعواء التي شنها عون وباسيل على سلامة خلال اليومين الماضيين كانت “حملة معدّة سلفاً وقد تعمّدا الإيحاء له بالمضي قدماً في تغطية قرار رفع الدعم عن المحروقات خلال اجتماع مجلس الدفاع الأعلى الذي عقد في قصر بعبدا في سبيل إيقاعه في الفخ”، كاشفةً أنّ رئيس الجمهورية كان قد فاتح رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في أحد اللقاءات معه في مسألة “محاسبة ومحاكمة حاكم المصرف المركزي” طالباً نيل موافقة ميقاتي على هذا الموضوع ضمن إطار التفاوض على المرحلة اللاحقة لتأليف الحكومة.سلامة: لن أتراجعفي المقابل أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في اتصال مع “النهار” أنه مصر على موقفه من رفع الدعم على المحروقات، وأنه لن يتراجع عن هذا الموقف الا في حال تم التشريع لاستخدام الاحتياط الإلزامي خصوصا وأن الأموال المتبقية هي أموال المودعين وهي ملكية خاصة ليس للدولة حق التصرف بها. وأكّد سلامة أن “جميع المسؤولين في لبنان كانوا يعلمون بقرار رفع الدعم، بدءً من رئاسة الجمهورية مروراً بالحكومة وليس انتهاءً بمجلس الدفاع الأعلى”. ورداً على سؤال في حال لم يتم التشريع، فهل هذا يعني ان رفع الدعم سيطاول ايضا الطحين والأدوية؟ اجاب سلامة أن مصرف لبنان أمن بعض الاحتياط لزوم دعم هاتين المادتين وأنه لا داع للقلق في هذا الشأن.الحكومة قريبة؟في موازاة هذا المشهد، رأت اوساط سياسية لـ”الديار” تحت عنوان “لبنان بات سجنا كبيرا لمواطنيه والغضب الشعبي آتٍ لا محال” ان خطوة رفع الدعم عن المحروقات اعطت اشارة بأن الحكومة ستتشكل وان المباحثات الحكومية دخلت في الامتار الاخيرة للتأليف، لانه لا يمكن لاي رئيس حكومة ان يحمل كرة النار بيده وهي رفع الدعم ،لان هذا القرار اصبح امرا واقعا وكان سيتخذ عاجلا ام آجلا. واشارت هذه الاوساط انه بدلا من ان تتخذ الحكومة الجديدة هذا القرار وتضع نفسها في مواجهة مع الرأي العام فكان من الافضل اتخاذ قرار وقف الدعم عن المحروقات في هذا التوقيت، وعندها في اول لحظة تشكيل الحكومة تقوم بصدمة ايجابية من خلال انخفاض سعر الدولار وتتنفس الناس الصعداء وبالتالي تشكل الحكومة نوع من ارتياح لكيفية ادارة الازمة وتخفيف من حدة الارتطام.في هذا الوقت، تستمر المساعي والاتصالات للاتفاق على أسماء وزراء تتفق مع المواصفات المتفق عليها، على ان تكون عودة الرئيس المكلف الي بعبدا، حاملة معها بوادر قوية لإصدار المراسيم، بحسب “اللواء”، التي أشارت الى ان الاتصالات تجري بعيدا عن الأضواء مع الكتل المعينة بالمشاركة في الحكومة، تجنباً لأية دعسة ناقصة.وأكدت أوساط مطلعة لـ “البناء” تحت عنوان “دياب يرفض طلب عون لعقد جلسة للحكومة… وتساؤلات عن غياب إجتماعات متصلة لتشكيل حكومة” أنّ الأجواء إيجابية واللقاءات الأخيرة بين الرئيسين عون ونجيب ميقاتي أحرزت تقدّماً على صعيد العقد القائمة لا سيما توزيع الحقائب حيث أنّ مسودة توزيع الحقائب شبه محسومة ثم يجري الانتقال الى الاسماء وإذا ما استمرّت الإيجابية حتى النقاش النهائي من الممكن أن تولد الحكومة نهاية الأسبوع المقبل وفي أبعد مدى نهاية الشهر، وبعد ذلك إذا لم تؤلف الحكومة فنكون دخلنا في المجهول ومن الصعب لاحقاً تأليف الحكومة.