كتبت “الاخبار”: لم تنسحب الايجابية المفرطة المسرّبة عمداً حول قرب تشكيل الحكومة على الاجتماع الذي جمع رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي برئيس الجمهورية ميشال عون أمس في قصر بعبدا. أول تجليات ذلك كان خروج ميقاتي بوجه متجهّم ليعلن «بدء الدخول بموضوع الأسماء»، ليُعقّب بعدها أن «نسبة تشكيل الحكومة أكبر من نسبة الاعتذار».
أمس، عادت عقارب المشاورات الى الوراء بعد أن كان قد تم الاتفاق على التوزيع الطائفي للحقائب على أن يتمّ استكمالها باسقاط الأسماء عليها. ما حصل، بالميزان العوني، هو «نسف لكل ما جرى النقاش به بين الرئيسين وخطوة الى الوراء لا يمكن فصلها عن السعي لتفجير البلد برفع الدعم وخلق أزمة غير مسبوقة كانت أولى نتائجها انفجار عكار. تلك هي البداية فقط، فثمة معلومات تتحدث عن مخطط للعبث بالأمن وخلق فوضى شاملة للامعان بضرب صورة العهد وتحميله وزر كل مشكلة تحصل في البلد. وقرار رفع الدعم هو إطلاق الموجة الثالثة من الاحتجاجات ضد العهد، بعد 17 تشرين وتفجير المرفأ». أبرز المستفيدين من انهيار الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني ليسا سوى «رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري»، بحسب المصادر العونية التي تضيف: «هما لن يوفرا جهداً لكسر الاتفاق بين ميقاتي وعون الذي كاد يصل الى خواتيمه، قبل أن يقرّر الحريري وبري التصعيد في مسار بدأ بالايعاز لسلامة رفع الدعم مع تأمين التغطية السياسية اللازمة له، واستكمل بنسف اتفاق عون – ميقاتي، لينتهي أول من أمس بقيام بعض الشبان بتكسير واجهة منزل ميقاتي بالتزامن مع عدم حضور القوى الأمنية سوى في وقت متأخر».
وتقول المعلومات أن اتصالاً هاتفياً جرى بين عون ميقاتي مساء الأحد، استنكر خلاله رئيس الجمهورية ما حصل، ثم جرت محادثة «ايجابية جداً» بينهما جرى الاتفاق على استكمالها في لقاء الاثنين، «قبل أن ينقلب التفاؤل الى تشاؤم». يتقاطع ما سبق مع ما تقوله مصادر مطلعة على عملية التأليف، حول عدم رغبة حريرية بانجاح مهمة الرئيس المُكلّف لعدة أسباب، أهمها المنافسة بين أي رئيسيّ حكومة والحرب الشرسة على عون. وتشير الى مطالب مستجدة قدّمها كل من تيار المستقبل والاشتراكي والمردة، استدعت تغيير مسودة التوزيع وسط رفض عون لهذا الأمر. وقد علمت «الأخبار» أن زيارة الرئيس المُكلّف الى بعبدا نهار أمس، سبقها الأخبر بزيارة الى عين التينة. وفيما أشارت مصادر قريبة من عين التينة إلى أن بري قبِل بالتخلي عن مرشّحه لوزارة المالية يوسف خليل واقتراح بديل له هو عبدالله ناصر الدين (الملحق الاقتصادي في السفارة اللبنانية في واشنطن)، تحدّثت مصادر أخرى عن ان برّي عاد ليتمسّك باسم يوسف خليل، رغم علمه بأن رئيس الجمهورية يرفضه .
في المقابل، ترى مصادر مقربة من ميقاتي أن عون الذي كان وافق على اسقاط وزارة الطاقة من حساباته، عاد ليطالب بها أو على الأقل المشاركة بتسمية الوزير. كذلك اعترض عون على الأسماء المعروضة لشغل حقيبة الداخلية في موازاة اصرار ميقاتي على تسلّم المردة لوزارة الاتصالات، على أن تؤول التربية للحزب الاشتراكي.
رغم ذلك كله، لا زالت مصادر عون وميقاتي تؤكد أن الوصول الى حلّ مرض للجميع ممكن وأن الطرقات لم تُسدّ بعد، لا بل يمكن تجاوز العقبات المستجدّة. في حين تشير مصادر عونية الى دخول حزب الله على خطّ التسوية بين الرئيسين، يفترض أن تتجلى نتائجها في اليومين المقبلين. وتشير المصادر إلى أن العقد الأساسية تم حلها، وما يجري حالياً ليس سوى وضع اللمسات الأخيرة التي قد تتخللها بعض العقد، لكن حلها ليس مستحيلاً. إلا ان المصادر نفسها تنقسم بين جازم بتأليف الحكومة في غضون ايام، واخرى متريثة خشية «ضياع الفرصة نتيجة تعنّت المتفاوضين».