“مارد من رماد”.. مجسّم أراد الانتصار للأمل فأوغل في الألم

20 أغسطس 2021
“مارد من رماد”.. مجسّم أراد الانتصار للأمل فأوغل في الألم

كتبت صحيفة “العرب” في أواخر شهر تموز الماضي ظهر مجسم حديدي من الصلب بلغ ارتفاعه خمسة وعشرين مترا في المكان الذي حدث فيه تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب من السنة الماضية. أما صانع هذا المجسم المعدني فهو الفنان اللبناني/ المهندس والمتعدد الوسائط نديم كرم.

لم يمرّ حدث “إنزال” هذا المجسم في وسط بيروت مكان الجريمة مرور الكرام، فالمرحّبون به كانوا كُثرا، ولكن من بغضوه بغضا جمّا كانوا أكثر.المجسم الحديدي الذي صنعه الفنان اللبناني نديم كرم ليجسّد الألم والفرح تخليدا لذكرى تفجير مرفأ بيروت حمل عنوان “مارد من رماد”. وكان لهذا العمل منتقدون من أنواع مختلفة: منهم من وجه انتقادات فنية لاذعة ومنهم من رأى في المُجسم أموال الجلادين/ السياسيين الذين موّلوه.وعن مجسّمه قال كرم “المارد يُظهر قوة إرادة الشعب اللبناني من أجل الحياة والوصول إلى الحقيقة. بدأ مشروع تنفيذه منذ قرابة التسعة أشهر، وفكرته انطلقت من تحويل الركام إلى عمل فني يجسّد ماردا يمدّ يده ويخرج منها المياه التي تجسّد الحياة، ويجلس فوقها مجسم صغير لطائر يأمل في أن يحلق. أما رأس المارد فيخرج منه ما يشبه الضباب، الذي يجسّد الضيق من الوضع السياسي”.

وأضاف الفنان أن مارده لا علاقة له بأي جهة سياسية، وهو بمثابة تكريم للضحايا الذين سقطوا جراء هذه الفاجعة. ويستطرد كرم قائلا بأنه يتفهّم الانتقادات التي ولّدها مجسمه لأن حق الانتقاد مشروع، إلاّ أن ما لا يقبله بتاتا أن يتم اتهامه بالافتراء والكذب وتبني جهة سياسية تمويله.وتابعت: ولعل تعبير “غلطة الشاطر بألف غلطة” تنطبق تماما على الفنان وذلك لعدة أسباب، أولا، لأنه عمل كئيب، نصب لا يوحي بالأمل الذي أراده الفنان. وفيه من البشاعة والحضور الطاغي الذي لا يسمح لأي كائن آخر أن يشارك فضاءه.أما العصفور الذي يمثل الأمل والحياة والعدالة بالنسبة إلى الفنان فهو يبدو مكسورا ومهيضا بقبضة الكائن عديم الإحساس. ثانيا، توقيت إنجاز وعرض عمل فني بهذه الضخامة يدعي اختصار المأساة هو أمر مُنفّر. فتفجير الرابع من أغسطس ليس مناسبة عفا عليها الزمان ومضى، أو قضية أُقفل ملفها فجاز تحويلها إلى رمز، بل هي جرح مفتوح ويزداد التهابا مع الزمن.ثالثا، كان على الفنان “الحالم” (وهذه أيضا ليست بتهمة) أن يكون أكثر إلماما بالوضع السياسي في البلاد وما يحيط بهذا الانفجار من فضائح مشينة، أو على الأقل أن يكون قادرا على ترجمة هذه الأفكار الشائكة في عمله الفني.من هنا يمكننا القول إن صيغة واحدة كانت ستكون ناجحة لو حقّقها الفنان وهي لو قدّم هذا المجسم “الكريه” على أنه الطبقة الفاسدة، وقام بمساءلتها، لا بل بمحاكمتها عبر تدميرها في يوم الافتتاح.