كتبت “الجمهورية”: في زمن الحرب الداخلية، خضع اللبنانيون لميليشيات مسلحة سُمّي قادتها بـ»أمراء الحرب»، ونال لبنان ما ناله منها من دمار وخراب. أما في زمننا الحالي، فنُكِب لبنان بنوع آخر من «الأمراء»، أخطر وأدهى وأقوى من ميليشيات الحرب التي تقاتلت بالمدفع والرشاش، هم «أمراء السوق السوداء».
أمراء جدد، يعيش معهم لبنان العار بكلّ وسخه، حوّلوا البلد كلّه الى سوق سوداء؛ للدولار، للذلّ، للمحروقات، للتخزين، للسلع المدعومة، للدواء، للطحين، للغذاء، للتهريب، للّصوصيّة، للاحتكار، للغلاء والتحكم بالاسعار، ولن يطول الأمر والحالة هذه، حتى يأتي دور المياه والهواء.أمراء تحميهم مافيات أقوى من الدولة، وليس من يردعهم، تشاركهم فئة أو فئات من اللبنانيين تحولت الى تجار سوق سوداء في كلّ مقومات حياة الناس وأساسياتها، يلحسون المبرد ويبلعون دماءهم، ويمشون فالتين على بعضهم بعضاً، يسرقون بعضهم بعضاً، ويفترسون بعضهم بعضاً، ويتاجرون ببعضهم بعضاً، ويتسابقون على قتل أنفسهم وبعضهم بعضاً، على ما هو حاصل في أكثر من منطقة، والسبب بسيط جدا هو ان الدولة السائبة تعلّم النّاس الحرام وقلة الاخلاق.
كلّ ذلك متفرّع عن سلطة مصابة بالسكتة الدماغية، يقبض امراؤها على البلد، تعاني الانفصام، فتدّعي العفّة وتصادر النزاهة وتشيطن كلّ الآخرين، فيما هي حوّلت السياسة وتحوّلها الى بازار اكاذيب وشعبويات فارغة، وجعلت من الحكومة سوقاً سوداء، يتلاعبون بتأليفها صعودا وهبوطا بين خطوة ايجابية الى الامام، وخطوات سلبية الى الوراء. فلقد صار تأليف الحكومة باليوميّة، بمعنى ان لكل يوم ملائكته وشياطينه وشروطه ومعاييره ومزاجياته، وكلّ يوم يقفل على سعر صرف حكومي جديد.
المصدر:
الجمهورية