فتحت “باخرة” الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله البلد على معطيات جديدة، اذ ان الباخرة التي تشكل باكورة اسطول إيراني سيساعد اللبنانيين على التخفيف من حدة أزمتهم الخانقة في الحصول على المحروقات طرحت من الناحية السياسية تحديات وتعقيدات اضافية على المشهد اللبناني برمته وخاصة على الفرقاء المناوئين لحزب الله وحلفائه داخليا وخارجيا، إذ إن البعض قد يقرأ في وصول الباخرة المحملة بالمازوت أقوى إشارة على تحلل دور الدولة وتآكله. ولولا أن حزب الله قرر أن يعمم ما تحمله هذه الباخرة على المناطق اللبنانية كافة بما يتجاوز البيئتين الجغرافية والمذهبية لحزب الله، لصح القول عندها إن فيديرالية الخدمات وإدارة الشؤون الاجتماعية قد بدأ تطبيقها واقعيا.
هذه الباخرة يبدو أنها، وفق أوساط سياسية في 8 اذار، قد حشرت كثيرين، فهي كشفت أنه يمكن لما يسمى “محور الممانعة” أن يقدم للبنان مساعدات ذات شأن ، على غير ما كان يروج المحور الآخر من ان يد حبل الإنقاذ الاقتصادي للبنان هو حصرا بيد المجتمع الغربي والخليجي. لا تقف المسائل عند هذه الحدود إذ أن الاميركيين بادروا إلى توفير بدائل عاجلة عبر الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية، مضطرين الى التناقض مع مواقفهم المعهودة في التشدد بتطبيق قانون قيصر.
ما يبدو مثيرا وفق قراءة الاوساط نفسها أن يتم كسر قانون قيصر على يد الإدارة الأميركية نفسها والأمر ذاته سيضع ، امام احراجات لا مهرب منها، كلا من الدولة اللبنانية والشخصيات المتحفظة التي كانت تتلطى خلف الحائل القانوني الذي يمثله قانون قيصر ، وقوى 14اذار التي ترفض رفضا قاطعا أي تواصل مع النظام السوري لمعالجة ملفات كثيرة عالقة بين البلدين. واذا كان الحزب التقدمي الإشتراكي على رأيه من اقتصار اي تواصل على القنوات الامنية الناشطة بين البلدين فإن تيار المستقبل يرى أنه من السابق لاوانه الحديث عن الموضوع علما أن الرئيس سعد الحريري وفي إطلالته التلفزيونية عبر محطة الجديد كشف أنه بحث خلال زيارته إلى القاهرة ولقائه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، “قضية استجرار الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا”ومتحدثا عن ان “الأردنيين استطاعوا إقناع الأمريكيين بهذا الأمر”.
إذا لم يعد مبررا أن يكون هؤلاء ملكيين أكثر من الملك الأميركي، تقول الأوساط نفسها،وبالتالي سقطت كل حجج التواصل مع النظام السوري وفي طليعتها موضوع الكهرباء واستجرار الطاقة عبر الاراضي السورية. وعلى الدولة اللبنانية ان تستعد لحوار مع النظام السوري، على ما يبدو لن يكون بمنأى عن شروط ومطالب تتصل بمصالح البلدين المشتركة.يبقى موقف رئيس الجمهورية مثيرا للتساؤل إذ أنه كان من المتوقع أن يبادر العهد إلى التشجيع على الحوار مع السوريين دون أدنى تحفظات، إلا أنه كان مفاجئا أن يتريث في إعطاء موقف، محيلا الموضوع إلى ما بعد إبداء الدولة السورية لموقفها، مع الإشارة إلى أن ان “التيار الوطني الحر” الذي لا يمانع التواصل مع النظام السوري لهذه الغاية، يراعي جيدا الأميركيين وربما كان في ظن المعنيين على خط بعبدا – البياضة أيضا أن الموضوع قد يواجه تعقيدات من قبل النظام السوري الذي لا يشعر بارتياح تجاه تعاطي الحكومة اللبنانية معه.