لا تزال المراوحة مستمرة على وقع مناخ متشنج فرضه السجال بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ونادي رؤساء الحكومات السابقين على خلفية الموقف من مذكرة الإحضار بحق الرئيس حسان دياب التي أصدرها المحقق العدلي طارق البيطار، والموقف العالي النبرة الذي أطلقه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أمس في الاطار عينه. وجاء كلام الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي أمس لقناة “العربية – الحدث” ليرسم خارطة طريق واضحة للمجريات، حيث وصف المشهد الحكومي بالمعقد، قائلاً إنّ البعض يتعامل وكأننا في دستور ما قبل الطائف، ورئيس الجمهورية يعلم أين هي العقد، مضيفاً انّ الاعتذار غير موجود على جدول أعماله في هذه المرحلة وأنه ماض في المهمة بنية تأليف الحكومة منعا للإنهيار.
وأشارت معلومات “البناء” تحت عنوان “نصرالله: الذين ينكرون الحصار اعتبروا الإرهابيين ثواراً… ونرفض التعدّي على دياب… وسفينة ثالثة” إلى أن “لا حكومة في الأفق ودخلنا في لعبة الكباش وحافة الهاوية بين العهد والرئيس المكلف ونادي رؤساء الحكومات السابقين من خلفه”، وشددت على أن “سعي عون للحصول على الثلث المعطل هو من يعرقل تأليف الحكومة”، مضيفة: “من فشل بتأليف حكومة بعد 13 زيارة ولقاء مع عون لن يستطيع التأليف في 30 لقاء، ما يجعل إقدام ميقاتي على تكرار المحاولة وزيارة عون لزوم ما لا يلزم”، وخلصت المصادر للقول ان “الأسبوع المقبل هو أسبوع الحسم، فإما تأليف حكومة وإما سيتجه ميقاتي نحو الإعتذار”.
في المقابل، كشفت أوساط مطلعة لـ”الديار” تحت عنوان “الحكومة غير قريبة التأليف…” ان الرئيس ميشال عون لم يعد لديه شيء ليخسره، وعليه في حال لم يأخذ مراده من الحكومة لن يذهب باتجاه تشكيلها. ولذلك فان الرئيس عون وفقا لهذه الاوساط مستعد لعدم التوقيع على مراسيم الحكومة ولو ادى ذلك الى فوضى شاملة لانه يعتبر انه خسر كثيرا، وبالتالي الحكومة لن تقدّم ولن تؤخر ولن تخرجه من هذه الازمة. والحال ان الخروج من الازمة سيكون من رصيد الميقاتي، لان الانهيار حصل في عهد عون والانقاذ سيكون على يد ميقاتي. وترى الاوساط ان الرئيس عون يناسبه ان تذهب الامور نحو المزيد من الانهيار والانفجار لانه يستطيع من خلال هذا المسار عدم الذهاب الى انتخابات نيابية سيخسر فيها كثيرا. ورأت هذه الاوساط ان سيناريو الانهيار الشامل يصب في مصلحة العهد، فاما يُشكل حكومة يُمسك بمفاصلها، اي الامساك بالثلث المعطل، واما الفراغ المدمّر، ومن خلال الثلث المعطل يستطيع ان يضمن القرار السياسي فيها ، واذا حصل ذلك ستكون حكومة ميقاتي حكومة فراغ.
وسط هذه الأجواء، تتواصل الاتصالات بعيداً عن الاضواء لتذليل بعض العقد،، على ما أشارت صحيفة “النهار” تحت عنوان “احتدام يبقي التأليف عند المربع الأول”، معتبرة أن المناخ الشديد التوتر الذي نشأ على خلفية المواقف من “استهداف” رئيس الحكومة أرخى مزيدا من الشكوك في امكان تجاوز التعقيدات القائمة أساسا والناشئة بعد هذا التوتر بما لا يدفع على التفاؤل بالتأليف في وقت قريب ولو ان ميقاتي اعلن انه لا يضع الاعتذار الان على اجندته .
وأفادت مصارد مطلعة على حركة الموفدين بين بعبدا والبلاتينوم لصحيفة “اللواء” تحت عنوان “مسار التأليف: حكومة ميقاتي أو عهد بلا حكومة” أن الانطباع الذي تكون أول من أمس لجهة أن الأمور تعقدت أو أن صعوبات تعتري عملية التأليف قد أزيل حيث بدأت تتجه الأجواء نحو الليونة مشيرة إلى أن مقابلة الرئيس المكلف على الحدث اوحت بأجواء إيجابية بما يعني أن الاتصالات تحقق تقدما وهناك معلومات أنه تمت معالجة عقدة الداخلية في حين أن عقدة العدل قيد المعالجة وتبقى وزارتا الاقتصاد والشؤون الاجتماعية.
وأشارت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ان الرئيس ميقاتي ينتظر اجوبة نهائية من الرئيس عون، على التشكيلة الوزارية المتكاملة التي انجزها، بعد ١٢ جلسة مشاورات مع عون، واتصالات جانبية عديدة، شملت الأطراف السياسيين المشاركين بالحكومة. وقالت المصادر ان ميقاتي اخذ بعين الاعتبار، الطروحات والافكار التي قدمها رئيس الجمهورية وتم تبادل الآراء في العديد من الاسماء المرشحة للتوزير، ويمكن القول ان الاستشارات، قد أخذت مداها الاوسع واشبعت تمحيصا، واصبح كل مسؤول يعرف ماذا يريدولم يعد مجديا تكرار التشاور على نفس الاسس والافكار ذاتها.