ميقاتي والرهان.. وماذا عن أهل السنّة في ميزان الدستور

29 أغسطس 2021
ميقاتي والرهان.. وماذا عن أهل السنّة في ميزان الدستور

فاقع ومعيب حالة سقوط الاخلاق الوطنية التي تمر بها الدولة اللبنانية بفعل ممارسات يتشارك فيها بعض القيمين على سدة المسؤولية وشريحة لا بأس بها ممَن ينتمون للوطن بفعل الهوية وليس بفعل الممارسة.
ومن ويلات السقوط مؤخراً، تحميل بعض المكونات الوطنية وتحديدا السنيّة بمرجعياتها السياسية والدينية خطيئة دعوتهم الالتزام بالنصوص الدستورية في المساءلة والمحاسبة، على خلفية اصدار مذكرة احضار بحق رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب في جريمة المرفأ. مع العلم -والتاريخ يشهد- ان الازمة التي تعيشها البلاد لم تكن الا نتيجة سياسة الاستقواء والتنازلات والسماح للانتقائية في تطبيق الدستور التي كرست عقيدة “قوة الطائفة بضعف الدولة وعلى حسابها”. من هنا ربما لم تخش المرجعيات السنية من ابداء موقفها هذا- وهو ليس الاول في ضرورة الالتزام بتطبيق الدستور – على حساسية ملف تفجير المرفا وفجاعته وادراكها لِكَم التوظيف الذي سيساق ضدها حيال موقفها هذا، وان الحقيقة هي الحاجة لمعرفة “الحقيقة” التي ترى انها لا تنحصر في اطار المساءلة والمحاسبة عن الاخلال الوظيفي فقط وانما تتعداه أيضاً لمعرفة الفاعل والمتدخل والشريك والمحرض في هذه الجريمة على حد سواء تمهيداً للمساءلة والمحاسبة باسم الشعب اللبناني بكل مكوناته وفي ساحته.
على ذلك يعتبر تشكيل الحكومة اليوم وفي هذا الظرف الضاغط والخانق الذي يعيشه لبنان امل الاكثرية من اللبنانيين الذين آثروا الصمت طيلة السنوات السابقة ولم يدلوا بدلوهم حتى الساعة مما يجري، وهم الذين عزّت عليهم نفسهم فأبوا إسماع صوت وجعهم وقلة حيلتهم الا لـ لله ، لايمانهم بان الوطن اقوى من الجميع وما زالت امكانية النهوض ممكنة. لكن على ذلك ما زال هناك شريحة لا بأس بها من القوى السياسية المؤثرة وغيرها من حديثي النعمة، الباحثين عن النجوم على جثث الضحايا، تعمل بكل ما اوتيت من وسيلة ومنصة لتطويق تشكيل الحكومة وربما لافشاله مهما كان ثمن ذلك لاهداف مختلفة اقل ما يقال فيها انها لا تراعي معايير الانتماء والحس الوطني وهي تتراوح بين الطموح السياسي بالولاية وصولا الى تهيئة أرضية الدولة للسقوط في قبضة اتفاق خارجي يضع لبنان على مشرحة التقسيم المبطن بذريعة فقدانه الاهلية والعجز عن تكوين سلطة بوجود سلطات متعددة كل منها في ميزان القوى يعتبر نفسه الاقوى حتى من البلد.
ولكن بين زحمة هذه الاهداف الجاثمة على ركام بلد محبط منهار، يستمر الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في مهمته نحو تشكيل الحكومة بكل عزم واصرار،مقابلا اية عراقيل وعقد بنفس وذهنية ايجابية تجاهها كما بدا في مقابلته الاخيرة عبر قناة الحدث، لان الهدف هو التشكيل وفق مقتضيات الدستور والحاجة الوطنية التي تمليها المرحلة ، كما انه بالرغم من ذلك لم يتخل عن تفاؤله وقدرته على حلحلة العراقيل. وربما في قراءة لتجاربه السابقة في رئاسة الحكومة يتبين انه رجل دولة  من طراز “السهل الممتنع ” وان الرهان على فشله هو وهم، اذ انه عندما يضع نصب عينه أمراَ لا ينفك عنه حتى انجازه مهما رُمي عليه من حمم وأُشعلت حوله النيران ، وذلك كله آخذا بعين الاعتبار الوقت والظرف وكلفة التراخي عن اتخاذ القرار على الوطن والمواطن اللذين يعتبران الخط الاحمر الوحيد الذي يقتضي عدم تجاوزه والا الاعتذار. وبالطبع الاعتذار هذه المرة لن يكون في متناول اي فريق تغطية كلفته لان تداعياته ستكون عالية الثمن على كل المستويات.

المصدر:
لبنان 24