كتبت” الديار”: أخذت وتيرة الأحداث الأمنية بالتصاعد مع استفحال الأزمة الاقتصادية التي يُعاني منها لبنان. هذه الأحداث المتنقّلة بين منطقة وأخرى، لها عنصر مشترك وهو المحروقات. والملفت في الأمر أنها لم تعد محصورة في منطقة معينة بالإضافة إلى اتخاذها طابعا مذهبيا أعاد إلى الأذهان الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان في سبعينيات القرن الماضي وأدّت إلى سقوط أكثر من مئة ألف قتيل في حرب عبثية.
الإشكال الأمني الذي حصل بين بلدتي عنقون ومغدوشة أظهر إلى العلن «قلوب مليانة» قد يكون باطنها مذهبيا وشرارتها محروقات، ولكن خلفيتها بالتأكيد هي سياسية بإمتياز مع التشنّج الحاصل نتيجة الصراع القائم بين حركة أمل من جهة والتيار الوطني الحرّ من جهة أخرى. العديد رأوا في الاعتداءات التي قام بها شبان من عنقون على بلدة مغدوشة رسالة من الحركة باتجاه التيار على الملف الحكومي وما قد تؤول إليه الأمور في حال فشل التشكيل.
على كل وبغض النظر عن أبعاد هذه الحادثة والحوادث الأمنية الأخرى، هناك استنتاج أساسي هو أن السلم الأهلي الذي طالما حاولت القوى السياسية المحافظة عليه، أصبح هشًا إلى درجة أن أي خلاف على المحروقات أو الأكل أو الأدوية قد يؤدّي إلى إشعال فتيل حرب عبثية أخرى.
الواضح من هذه الحادثة وحوادث أخرى مثل حادثة خلدة، والرويسات، والقاع، والمنية وغيرها، أن المسؤولين لم يبنوا سلامًا أهليًا حقيقيا، بل إن هناك كذبة كبيرة تمّ إدخالها إلى عقول الناس الذين ظلوا مصطفّين في إطار مذهبي واضح المعالم مع سيطرة الدين على كل مفاصل الحياة. هذا النصّ يبقى ناقصًا إذا لم نقل إن الأزمة المعيشية التي تعصف بلبنان تُشكّل مُحفّزا مُهمّا في اندلاع شرارة الحرب وهو ما يُنذر بأوخم العواقب.