كتبت زينب حمود في “الأخبار”: لم يعد الوصول إلى المدرسة باليسر الذي كان عليه سابقاً. أزمة المحروقات وارتفاع كلفتها من جهة، واقتراب موعد رفع الدعم عنها من جهة ثانية، كلّ ذلك خلق حالة من الضياع والقلق لدى الأهالي حول المدرسة التي سيرسلون أولادهم إليها. أسئلة كثيرة تدور في رؤوسهم: كم ستبلغ كلفة النقل المدرسي هذا العام؟ وكيف نسجّل أولادنا في المدرسة قبل التأكد من قدرتنا على تسديد أجرة الباص؟
على بعد أيام من عودة الطلاب إلى صفوفهم، ما من جواب واضح لدى معظم المدارس وسائقي الباصات الخاصة بشأن السعر الذي يجب أن يحددوه. من «تجرّأ» حدّد تعرفة لا تقل عن 300 ألف ليرة شهرياً للتلميذ الواحد، وتصل إلى 1400 دولار سنوياً في إحدى المدارس.
“تحديد كلفة الباص المدرسي هذا العام أمر غريب وعجيب”، بحسب رودولف عبود، رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة ومدير مدرسة الفرير في الجميزة، لأن «سعر صفيحة البنزين لن يبقى على حاله بعد رفع الدعم، فهل نحدد التعرفة اليوم ونتراجع عنها غداً؟». هذه حال معظم المدارس التي تنتظر رفع الدعم لتحدد كلفة النقل. بعضها ينتظر نتيجة «المفاوضات بين وزارتَي التربية والطاقة بشأن تأمين مادة المازوت بأسعار مدعومة لتشغيل المدارس وباصاتها وتخفيف أكلافها»، كما وُعِدت المدارس الكاثوليكية، وفق أمينها العام يوسف نصر.
حالة الضياع تنسحب على سائقي الباصات الخاصة العاجزين عن تحديد كلفة النقل المناسبة في ظل «عدم وضوح الرؤية حتى الآن لما سيكون عليه العام الدراسي»، على ما يقول توفيق، أحد السائقين. أحد من الأهالي لم يتصل به حتى الآن لسؤاله عن التعرفة، «وحتى لو اتصلوا ماذا سأقول لهم إذا كانت أسعار المحروقات تتبدّل باستمرار؟». يشعر توفيق بأن لقمة عيشه مهددة للسنة الثالثة بعد الانقطاع لمدة عامين دراسيين والاستغناء عن «خدماتي». يسأل: «هل ستتمكن الأسرة من تسديد ما لا يقل عن 300 ألف في الشهر على الأقل بدلاً لنقل ولد واحد؟». «حتماً لا»، كان جواب ليلى التي أخبرها سائق الباص أن كلفة النقل لن تقلّ عن مليون ليرة شهرياً، يعني أنها ستحتاج إلى ثلاثة ملايين ليرة ليصل أولادها إلى مدرسة لم يكن قسطها المدرسي يتجاوز المليونين! ما دفعها إلى التفكير في نقل أولادها إلى مدرسة قريبة من مكان سكنهم.
إزاء هذا المشهد، يتوقّع بعض المديرين أن تعيد الأزمة الاقتصادية توزيع الطلاب على المدارس القريبة من مكان سكنهم، وهو حل «منطقيّ وسليم»، لكنه لا ينطبق على جميع التلامذة لأنه لا يراعي اختلاف البرامج في بعض المدارس وعدم توفر ترف اختيار المدرسة ولا سيما لسكان القرى والبلدات النائية. فاطمة، مثلاً، تقطن في بلدة اللبوة حيث لا مدرسة في بلدتها غير المدرسة الرسمية التي «لا يعجبني مستواها التعليمي»، لذا «لا خيار أمامي غير إرسالهم إلى مدرسة في قرية أخرى».