كتبت” النهار”: اذا كانت أوساط عدة، سياسية وشعبية، بدت متفاجئة فعلاً باندلاع السجال بين بعبدا والرئيس المكلف نجيب ميقاتي بما أوحى بعودة ما وصف بانه اختراق في الوساطات لتذليل عقبات وتعقيدات تأليف الحكومة الى المربع الأول، فان الحقيقة تتمثل في ان دوامة المناورات الدعائية والإعلامية التي اتبعت في اليومين الأخيرين انكشفت مرة جديدة عن منحى التعطيل الذي لم يتبدل فيه حرف منذ سنة. ولم يكد يجفّ حبر الوعود المنهالة امام وفد الكونغرس الأميركي خصوصاً من بعبدا مبشّرة بولادة الحكومة قبل نهاية الأسبوع الحالي حتى بانت اهداف المناورة لإظهار فريق الرئاسة كأنه يستعجل ويسهل الولادة، فيما تصاعدت الاتهامات ضمنا للرئيس المكلف نجيب ميقاتي بالتردد وتبديل المواقف لتمرير مزيد من تضييع الوقت وتمرير استحقاقات معينة من امام الحكومة الموعودة.
واذا كانت معالم التراجعات الكبيرة التي ظهرت بقوة بعد الظهر حيال كل التسريبات المضخّمة التي كانت روجت في اليومين السابقين عن تقدم في وساطة اللواء عباس ابرهيم، فان خروج ميقاتي عن صمته وإصداره بياناً اتسم بدلالات بارزة لجهة حديثه عن “بازار التسريبات والأقاويل والأكاذيب”، وضع مجمل المناورات التي مارسها الفريق الرئاسي لإظهار نفسه في موقع المسهّل واتهام ميقاتي بالتردد والتراجع موضع الانكشاف بدليل الرد العنيف الذي أصدرته بعبدا على ميقاتي وهو الامر الذي سيعيد خلط الحسابات والأوراق مجدداً على قاعدة ثابتة هي انكشاف “امر العمليات ” المانع لتأليف الحكومة كلما اقتربت جولة جهود جديدة من إحلال تسوية تسقط لعنة التعطيل وتستولد الحكومة.
والواقع ان مصادر مواكبة عن كثب لعملية التأليف اكدت امس بأنّ الاتجاه الحكوميّ ينحو إلى مزيد من السلبيّة والمراوحة والدوران في حلقة مفرغة مع محاولة للقول إن ثمّة من يُخطئ بعيداً عن الفريق المقرّب من رئيس الجمهورية، في وقت لا مكان للايجابيات التي يحاول البعض إشاعتها أو التعبير عنها. وتتمحور العقد القائمة، وفق المصادر نفسها، حول موضوع “الثلث المعطّل” الذي يبدو أنه لا يزال مطلوباً، وإن بشكلٍ مقنّع، لتمثيل حصّة فريق العهد مع التوجّه نحو إعادة التجربة نفسها التي سبق أن خاضها فريق رئيس الجمهورية مع الرئيس سعد الحريري واعتبار مسؤولية التعطيل مشتركة مع رئيس الحكومة المكلّف، فيما أن هناك نية واضحة للتبديل في بعض الأسماء المقترحة للتوزير واستبدالها بأسماء عونية الهوى بدلاً من ربط القرار النهائي لاختيار الوزراء بكامل الحكومة. ومن هنا، ليس واقعياً أنّ الحكومة اقتربت من الأميال أو الأمتار الأخيرة للإعلان عن تصاعد الدّخان الأبيض، انطلاقاً مما تؤكده المصادر المواكبة نفسها، في وقت لا يزال البحث مرتبطاً بالإطار العموميّ لاختيار الوزراء. وتقع المشكلة في كلّ مرّة يقترب بها البحث في موضوع “الثلث المعطّل”، إضافةً الى التطرّق لموضوع وزارتي الداخلية والعدل.
ولكن مع اندلاع جولة السجالات الساخنة بين بعبدا وميقاتي، بدا واضحاً ان وساطة اللواء ابرهيم وصلت الى الحائط المسدود وبات من المستبعد توقع أي لقاء في وقت قريب بين عون وميقاتي.