لا شكّ أن عدم خسارة طلاب لبنان عامّا دراسيا ثالثا كان همًّا كبيراً على وزير التربية والتعليم العالي طارق المجذوب، الذي أعلن قبل أسبوعين أن العام الدراسي سيكون حضوريًّا.
حسنًا فعل المجذوب، ولكن كيف سيتمكن الأهل من إيصال أطفالهم واولادهم الى المدارس بظل أزمة المحروقات التي تعجز الدولة عن حلّها؟ كيف سيتمكّن الأهل من دفع كلفة باصات المدارس الخيالية؟ وأيضًا، كيف سيتمكن الأساتذة من الحضور الى المدرسة؟
هذه الهواجس حركت الطلاب على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا أن الوزير يعيش في “لا لا لاند”، وسأل أحدهم: كيف سيصل التلاميذ والأساتذة إلى الصروح التعليمية في ظل انقطاع المحروقات؟.
كلفة نقل خيالية
منذ أكثر من 25 سنة، يعمل الياس كسائق باص في أحدى مدارس بعبدا الخاصة، الا أن المشكلة الأولى التي واجهته خلال مسيرته العملية هذه، هي إنتشار فيروس كورونا منذ عامين، حيث أغلقت المدارس، وتوقف عمله.
الياس الذي لا يزال منذ سنتين من دون عمل، لا يرى خيرًا من العام الدراسي المقبل، ولو كان حضوريًا، لأنه لن يستطيع نقل الطلاب أيضًا، بسبب زيادة تكلفة النقل بفعل ارتفاع أسعار المحروقات وما يترتب عليها من عجز الأهالي عن دفع مصاريف انتقال أبنائهم.
وبات سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان، نحو 129000 ليرة، بعدما كانت 77500 ليرة أي بزيادة 66.4 بالمئة (ومن المتوقع أن تزيد القيمة بعد رفع الدعم تلقائيًا عن المحروقات).
هذا الإرتفاع، انعكس حتمًا على تكلفة نقل الطلاب، فسابقًا، كان يكلف نقل الطالب شهريًا، 60 ألف ليرة (في حال كان يسكن في النطاق الجغرافي عينه للمدرسة)، أما اليوم، فارتفعت التكلفة إلى 400 ألف ليرة، وفق الياس.
وهنا، يعتبر بحديث لـ”لبنان 24″ أن لا قدرة للأهل على دفع هذا المبلغ الضخم شهريًا بظل انخفاض القدرة الشرائية للاهل وأزمة الليرة والدولار.
الأهل عاجزون
كلام الياس عكسته، رئيسة إتحاد لجان الأهل لما الطويل، التي أكدت في حديث لـ”لبنان 24” أن لا قدرة للأهل على تحمّل تكلفة نقل أولادهم الى المدارس، خاصة إن رُفع الدعم بشكل كامل آواخر شهر أيلول.
وفي هذا السياق، حصل “لبنان 24” على نسخة من كتاب أرسلته لجان الاهل الى وزير التربية، يتضمّن خطة شاملة للعام الدراسي المقبل، ويندرج ضمنه مادة حول أزمة المحروقات.
وطالب الكتاب بدعم الدولة للنقل المدرسي عبر الاتي:
أولاً، خطة لتأمين المحروقات بشكل مدعوم عبر آلية شفافة تسمح للمدارس بالحصول على هذه المحروقات وبكلفة مدعومة على أن تضع الدولة أسسًا ومعايير مراقبة صارمة بالتعاون مع مصرف لبنان لتحديد الكميات وحصة كل مدرسة بالإضافة إلى مراقبة كلفة النقل المدرسي بشكلٍ صارم .
ثانيًا، اللجوء إلى البلديات لدعم خطة تمويل النقل المدرسي .
ثالثًا، إلزام أفراد الهيئات التعليمية استخدام النقل المدرسي خاصة أولئك الداخلين في الملاك بدوام كامل في المدرسة ما يسهل وصول جميع أفراد الهيئات التعليمية والمستخدمين إلى المدرسة وتوفير كلف بدلات النقل في الموازنات المدرسية.
وكشفت الطويل “انه لغاية الآن، الصورة ضبابية جدًا لدى الأهل حول هذا الموضوع”.
أما بالنسبة الى الاساتذة فالمشكلة نفسها، والضياع سيد الموقف، ويجمع عدد من الأستاذة تواصل “لبنان 24” على أنهم لا يستطيعون تحمّل كلفة النقل المرتفعة بظلّ بقاء الرواتب نفسها، كما أنهم يطالبون بأن يكون لهم استثناء في محطات المحروقات، لكي يتمكنوا من تعبئة سياراتهم من دون الوقوف لساعات بالطابور.
بالمحصلة، مشكلة المحروقات هي “مشكلة بلد” ولا يمكن لوزير وحده إيجاد حلّ لها، فماذا سيفعل الأهل المستضعفون؟ وهل ستبدأ الصفوف بمن حضر!؟