توفي رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، تاركا خلفه مسيرة كبيرة من العلم والنضال، ونعت المرجعيات السياسية والروحية اللبنانية والعربية الراحل الكبير، وأعلنت الدولة اللبنانية الحداد الرسمي على وفاته، ونُكست الأعلام في قصر بعبدا.
وكان سماحته من نسل علماء دين كان لهم دور بارز في الحركة العلمية والسياسية في منطقة جبل عامل. والتحق بحوزة النجف في العراق ودرس على يد أبرز العلماء الشيعة في ذلك الوقت، منهم محمد تقي جوهري، اسماعيل الصدر، محمد ومحسن الحكيم، كاظم شريعتمداري، والسيد أبو القاسم الخوئي، وقد لقبه الشهيد السيد محمد باقر الصدر بـ”ذو الشهادتين” تقديرا لإخلاصه وتفانيه في العمل الديني.
عاد الشيخ قبلان إلى لبنان عام 1963، حيث باشر فورا بإتمام بناء مسجد الإمام الحسين بن علي، الذي تولى فيه صلاة الجماعة والتبليغ الديني، وقد أنشأ خلال مسيرته أكثر من 20 مؤسسة بين دينية، تربوية، صحية، واجتماعية. وخلال نشاطه التقى الإمام المغيّب السيد موسى الصدر، وتوطّدت العلاقة بينهما بسرعة، تحديدا أنه كان على معرفة بآل الصدر في العراق خلال دراسته، وساند الشيخ قبلان حركة الإمام الصدر، التي كانت تطالب بنصرة الفقراء ورفع الحرمان عنهم، وتحديدا الطائفة الشيعية التي كانت تعاني وقتها، وواكب مع الصدر مسيرة تحقيق العدالة الاجتماعية وضرورة تغيير النظام اللبناني، ولا سيما إنهاء الإقطاعية وإلغاء الطائفية السياسية.
وكان للشيخ قبلان دور بارز في تأسيس المجلس الشيعي الأعلى، حيث تميز بنشاط كبير في إقناع عدد كبير من رجال الدين الشيعة بالانضمام للمجلس والعمل ضمن لجانه ومؤسساته، وقد انتخب عضوا في الهيئة الشرعية فيه عام 1969. وبعد وفاة السيد حسين الحسيني عام 1970، أجمعت قيادات الطائفة الشيعية على ترشيح الشيخ قبلان لخلافته، فما كان من الإمام الصدر إلا أن أسند إليه منصب المفتي الجعفري الممتاز.
وبعد اختفاء الإمام الصدر، تولى الشيخ محمد مهدي شمس الدين إدارة شؤون المجلس الشيعي، وقد عاونه بذلك الشيخ قبلان، وقد كان له دور بارز بالمحافظة على إرث الإمام الصدر، من المجلس إلى المؤسسات.
واستمر الشيخ قبلان بمؤازرة الشيخ شمس الدين حتى إصابة الأخير بمرض عضال عام 2000، دخل على إثره المستشفى، عندها تولى قبلان مهام رئاسة المجلس حسب رغبة شمس الدين.
ويقول من عايش الشيخ قبلان، أنه كان دمث الأخلاق وشغوف بالعلم، أما المقاومون فيلقبونه بـ”مفتي المقاومة”، إذ كان لديه عداء شديد للعدو الصهيوني، وله مسيرة نضال طويلة ضده في الميدان، إلى النشاطات والمواقف الجريئة والشجاعة نصرة لفسلطين والجنوب.
ورفض الشيخ قبلان التوطين، كما كان يصدح صوته عند حصول أي فتنة بين اللبنانيين، وكان يعتبرها مؤامرة على المنطقة بأكملها وليس فقط على لبنان.