الاستقالة من البرلمان “سلاح” بيد “العونيّين”.. هل ينفع؟!

7 سبتمبر 2021
الاستقالة من البرلمان “سلاح” بيد “العونيّين”.. هل ينفع؟!

كتب المحرر السياسي: “قبل نحو ثمانية أشهر من الانتخابات النيابية المفترضة في أيار المقبل، أو ربما قبله، لا تزال العديد من القوى السياسية تلوّح بالاستقالة من البرلمان، في سياق المعارك السياسيّة القائمة، وكحلّ “بديل” لمواجهة الوضع الطارئ، بدل “التطبيع” معه، أو بالحدّ الأدنى تقديم “التنازلات” التي تتيح تمريره بأقلّ الأضرار الممكنة.

على رأس هذه القوى يتموضع “التيار الوطني الحر” الذي دار سجال بين رئيسه الوزير السابق جبران باسيل ورئيس مجلس النواب نبيه بري، على خلفية هذه النقطة بالتحديد، في جلسة البرلمان الأخير، حين لوّح رئيس تكتل “لبنان القوي” بالاستقالة إذا لم يكن صوت من وصفهم بـ”الأقلية” مسموعًا، فكان ردّ “محفّز” من برّي، بعيدًا عن سياسة “التهديد والتهويل”.ومع أنّ باسيل لم يُقدِم على مثل هذه الخطوة، رغم “تحفّظه” على نتيجة تلك الجلسة النيابية، إلا أنّ التلويح بالاستقالة عاد في الأيام الماضية، على وقع الحديث عن “سيناريوهات” المرحلة المقبلة، وما إذا عجز الوسطاء عن “حلحلة” الأزمة الحكومية، وانضمّ الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي إلى “أسلافه” في الاعتذار، أو بالحدّ الأدنى، في الاعتكاف.

الاستقالة “قيد البحث”يقول بعض المطلّعين على أجواء “التيار الوطني الحر” أنّ الحديث عن الاستقالة أخذ مداه من البحث والنقاش في الأسبوع الأخير، وهو لم يعد محصورًا بباب “الاستهلاك الإعلامي” أو “رفع العتب” كما يخيَّل لكثيرين، إذ إنّ فريقًا أساسيًّا داخل “التيار” يدفع نحو هذا الخيار باعتبار أنّ الأمور تكاد “تفلت” من أيديهم، ولا قدرة لهم على “المواجهة” سوى من خلاله.يقول العارفون إنّ مؤيّدي هذا الطرح ينطلقون من الجانب “الشعبوي” الذي ينطوي عليه، فهو لا شكّ يلقى قبولاً لدى جزءٍ كبير من الرأي العام، الذي يعتقد أنّ البرلمان الحاليّ لم يعد قادرًا على الاستمرار والصمود أكثر، فضلاً عن كونه الخيار “العملي” الوحيد بيد “التيار”، خصوصًا إذا ما صدقت التسريبات التي تتحدّث عن أنّ أيّ شخصية لن تقبل بتكليفها برئاسة الحكومة بدون رضا ومباركة دار الفتوى ونادي رؤساء الحكومات السابقين، إذا ما اعتذر الرئيس ميقاتي.في المقابل، ثمّة فريق آخر داخل “التيار” يعتقد أنّ الخيار لن يغيّر شيئًا على المستوى العملي، حتى إنّ تبعاته “الشعبويّة” قد لا تكون كبيرة، لأنّ مثل هذه الخطوة ستكون اليوم أكثر من متأخّرة، علمًا أنّ “العونيّين” أنفسهم تصدّروا “الشامتين” باستقالة زملائهم يوم كان يمكن أن تنفع قبل أشهر، وتضغط على الأقل باتّجاه انتخابات نيابية مبكرة، كما كانت فئات شعبية كثيرة، فإذا بـ”التيار” يفرّط حتّى باستحقاق الانتخابات الفرعية ويتجاهله تمامًا.لا جدوى!لكن، إذا كان “التيار” يسوّق لخيار الاستقالة من البرلمان باعتباره “الحلّ”، فإنّ الكثيرين من خصوم “التيار”، الذين يعتقدون أصلاً أنّ التلويح به ليس جدّيًا، يؤكدون أنّ “الجدوى” منه، حتى لو حصل اليوم، معدومة، فالانتخابات الفرعيّة حتى لو كانت واجبة قانونًا، لن تحصل، علمًا أنّ “التيار” الذي كان وراء “تطييرها” سابقًا، لن يجرؤ على المطالبة بها في الوقت الحالي، إلا إذا كان يريد تحمّل مسؤولية “التفريط” بالاستحقاق الانتخابي.وفي سياق الاستحقاق الانتخابي، ثمّة من يرى أنّ “خطورة” الاستقالة اليوم مرتبطة به، لا سيما في ضوء “التهديدات المبطنة” بأن يلجأ البرلمان إلى “التمديد” لنفسه، خطوة سيكون “التيار” مباركًا لها بالاستقالة التي ستُعتبَر “هروبًا من المسؤولية”، بل قد تفسَّر على أنّها “مباركة مضمرة” لأيّ تمديد، فضلاً عن أنّ هناك من يحذّر بأنّها قد تكون “تسليمًا” للأكثرية، لتعديل قانون الانتخاب كما يحلو لها.في كل الأحوال، لا يُعتقَد أنّ “التيار” رغم كلّ ما يسرّبه، يفكّر جدّيًا بالاستقالة، وفق ما يقول العارفون، الذين يلفتون إلى أنّ مثل هذه الخطوة لا أثر لها على المستوى السياسية، سوى محاولة القفز فوق “الأزمات السياسية”، من دون أن توفّر عمليًا أيّ بديل للمواطنين الذين يبحثون عمّن ينظر لحالهم، ويحاول معالجة مآزقهم، بدل البحث عن المزيد من التعقيد السياسي الذي لن يقدّم ولن يؤخّر، في ظلّ الأوضاع الحاليّة.انضمّت “استقالة” نواب “التيار” إلى الملفّات “الإلهائية” التي شغلت اللبنانيين في اليومين الماضيين، لكنّ مفعولها قد لا يطول كثيرًا. فإذا “فُرِجت” حكوميًا، وصدقت الأجواء الإيجابية التي عادت في الساعات الماضية، لا يعود لهذه الاستقالة “معنى”. أما إذا تأزّمت الأمور مجدّدًا، فقد تفقد الاستقالة أيضًا “قيمتها”، لأنّ الأوان سيكون قد فات، وربما أكثر من ذلك..