كابوس يطارد الناس حول العالم بأسماء مختلفة، اخرها متحور “مو”. ما نعرفه عن المتحور الى الان قليل ، الا أنّ عبارة واحدة منسوبة لمنظمة الصحة العالمية: “اللقاحات قد لا تؤثر عليه” تجعلنا نسأل عن موقع لبنان على خارطة الدول المعرضة لاستقبال الزائر غير المرغوب فيه، فهل نحن بأمان من “مو -كورونا”؟.
رُصد متحور “مو” للمرة الاولى في اميركا الجنوبية، ولاحقاً في فرنسا ، ومؤخراً أعلنت تركيا عن تسجيل حالتين بالسلالة الجديدة من كورونا. وجاء إعلان منظمة الصحة العالمية ليضع المتحور في خانة المراقبة، حيث أشارت المنظمة في نشرتها الوبائية الأسبوعية عن تطور الجائحة، الى أنّ النسخة المتحورة “بي.1.621″، حسب تسميتها العلمية، تم تصنيفها في الوقت الحالي “متحورة تجب مراقبتها”.وأوضحت المنظمة أن لدى هذه المتحورة طفرات يمكن أن تنطوي على خطر “هروب مناعي”، أي بلغة مبسطة خطر مقاومة اللقاحات، الأمر الذي يجعل من الضروري إجراء مزيد من الدراسات لفهم خصائص المتحور بشكل أفضل، لتأكيد ما إذا كانت ستثبت أنها أكثر معدية أو أكثر فتكا أو أكثر مقاومة للقاحات والعلاجات الحالية.
ماذا عن لبنان؟
واليوم، دول عدّة سجلت اصابات بمتحور “مو” دون إثباتات علمية مؤكدة لغايته عن مدى خطورة هذه المتحور الجديد. وبما أنّه علمياً، يُعد ظهور المتحورات مسألة طبيعية حيث يتكاثر الفيروس ويتطور بأشكال مختلفة، نسأل بالتالي: ماذا عن لبنان، هل فقدنا القدرة على السيطرة، وهل سنكون بمأمن عن الفيروس الجديد، أم سنكون أمام سيناريو مشابه لـ”دلتا”؟.
يشرح الاخصائي في أمراض الرئة الدكتور باسم جمعة، في حديث لـ”لبنان 24″ عن طبيعة عمل الفيروسات قبل الدخول في تفاصيل المتحور الجديد، مشيراً الى أنّ الفيروسات من نوع كورونا عندما تدخل الى جسم الانسان فإنّها غالباً ما تتكاثر وتخرج بمتحورات جديدة. وفي العالم سُجل لغايته 4000 متحور لكورونا، منها ما يختفي سريعاً ولا يشكل خطراً يُذكر ومنها ما قد يكون أكثر إنتشاراً وفتكاً كما “دلتا”.
يقول جمعة إنّ فيروس كورونا يحتوي على تشعبات او سنابل، وهذه السنابل هي التي تحمل التغيرات الجينية للفيروس، وتقوم السنابل بالتشبث بالخلايا البشرية وتنتشر فيها وتتكاثر، وهنا يأتي دور اللقاحات في إستحداث أجسام مضادة لمنع هذه السنابل من الالتصاق بالخلايا في حال واجهت الفيروس من الخارج.
لا فعالية للقاحات!بحسب جمعة: “هنا يكمن الخوف، في عدم استطاعة اللقاحات أن تتعرف على التشعبات الجديدة من المتحورات التي تظهر في الفيروس، وبالتالي لا يعود اللقاح يجدي نفعاً”.يترجم جمعة هذه الفرضية على “مو”، مشيراً الى أنّه فيما يتعلق بالمتحور الجديد، فالملاحظ أنّ منظمة الصحة العالمية قسمت المتحورات الى قسم مثير للقلق، واخر غير مثير للقلق، كما “مو” وهذا التصنيف يعد مطمئناً، وبالتالي نحن بإنتظار مزيد من الدراسات العالمية للاجابة على هذه الاسئلة الثلاث: “هل المتحور الجديد أكثر إنتشاراً أم أكثر ضراوة وهل لا يتأثر باللقاح؟”، يتابع جمعة.فإنّ لم يكن المتحور الجديد كذلك فلا تخوف في المرحلة الحالية، اذا ما قارنا بين “مو” و”دلتا” فالاخير كان أكثر انتشاراً وفتكاً.وبحسب جمعة فإنّ نسبة الاصابات بكولومبيا حيث تم تسجيل اولى الحالات لا تتخطى الــ9 بالمئة، وكذلك في الدول المجاورة لا تتجاوز الـ13 بالمئة، اي أنّها نسبة ضئيلة جداً، “وعليه فإنّ اللقاحات فعالة لغاية الساعة وكل الذين تلقوا اللقاحات هم بأمان من خطورة اي نوع من الفيروسات، ولكن ذلك لا يعني ان الملقح لن يُصاب بكورونا”.وفي لبنان طالما أنّ الحدود مفتوحة، فيمكن للفيروس أن يدخل عن طريق الاصابات الخارجية، ولكن حقيقة لغايته فإنّه يمكن تطبيق الجملة الشهيرة “لا داعي للهلع” طالما أنّ هذه الاصابات عالمياً لا تزال في إطار محدود.
اللقاحات.. حماية نسبيةوهنا يجب الاستمرار في المحافظة على التباعد الاجتماعي وكل الاجراءات الاحترازية الواجب اتباعها لتجنب خطر الاصابة باي نوع من المتحورات. ويؤكد جمعة: “قلنا مراراً يمكن الاصابة بكورونا لو تلقينا اللقاحات، فلا يوجد اي لقاح فعال مئة بالمئة، ولكن لا هروب من اللقاحات للحماية من المتحورات”.التسميةالجدير بالذكر أنّ منظمة الصحة العالمية لم تعد تسمي المتحورات الجديدة بأسماء الدول التي ظهرت فيها السلالات الجديدة تجنباً لإحراجها، كما حصل سابقاً مع المتحور الهندي والبريطاني والافريقي، لذا تعمد المنظمة على تسميتها باحرف الابجدية اليونانية كما “ألفا” و”دلتا”. وهناك توجه الى تسمية المتحورات الاكثر شهرة باسماء الابراج الفلكية.يبقى أن لا أمان إلاّ بإتباع الاجراءات الوقائية، أقلّه على المستويات الشخصية، عسى أن تصل البشرية الى خلاص من كابوس إجتاح العالم، وترك خلفه الكثير من الضحايا.