مَن يحكم لبنان في السنة الأخيرة: عون أم ميقاتي؟

11 سبتمبر 2021
مَن يحكم لبنان في السنة الأخيرة: عون أم ميقاتي؟

كتب نقولا ناصيف في” الاخبار”: 
 

 لا ريب في أن رئيس الحكومة هو واجهة المرحلة المقبلة بالتحرّك خارجياً حيال الغرب والعرب في آن. كذلك التفاوض مع صندوق النقد الدولي والهيئات والصناديق والمنظمات الدولية. دور كهذا غالباً ما رافق رؤساء الجمهورية طوال عهودهم، بما في ذلك سنتهم الأخيرة فيها، وإن بدا في الظاهر أنها أضعف سني الولاية، غير أنها لم تفقد الرئيس يوماً دوره في التواصل مع الخارج. منذ مطلع عهده، رغم انفتاحه على السعودية وفرنسا ومصر بزياراته إليها وتحدّثه من على منبر الأمم المتحدة، جبه عون صعوبة التحاور مع الخارج في بلد لم يعد خافياً فيه طغيان تأثير حزب الله، واعتداد الرئيس بتحالفه معه وتبرير دوره في وقت تتقاسم الدول تلك، غربية وعربية، مخاوف مشتركة من تنامي حزب الله، بعضها عدّه «إرهابياً»، وبعض آخر حاذر التواصل معه ما خلا قليلاً، وبعض ثالث وجد نفسه مرغماً على مخاطبته وإن بتحفظ. تدفع أسباب كهذه ميقاتي إلى أن يكون هو المحاور والمفاوض الفعلي للبنان. ذلك ما أوحى به البارحة بقوله إنه سيدق كل الأبواب. بالتأكيد يتوخى أولاها السعودية وفرنسا.

 أن الحكومة الجديدة المفترض أن ولايتها تنتهي بانتخاب برلمان جديد في الموعد المقرّر في أيار 2022، لا يسعها بمفردها – رغم التعهّد الذي قطعه رئيسها – أن تقرّر حصول الانتخابات وفرضها، أو الانتقال إلى خيار بديل كتمديد ولاية مجلس النواب، أو ربما الذهاب إلى ما هو أسوأ، وهو تعذّر الخيارين الأولين والسقوط في شغور دستوري حقيقي وخطير. ما يصحّ على هذا الاستحقاق، يصيب كذلك الموضوع الأكثر إثارة للسجال والخلاف بين الأفرقاء، وهو التحقيق الجنائي ومباشرة تطبيقه. لا رئيس الجمهورية قادر على فرضه على رئيس الحكومة، ولا رئيس الحكومة في وسعه التزام تطبيقه خارج مجلس الوزراء. مع أن الجالسين إلى طاولته اختصاصيون، إلا أن القرار الفعلي ليس عند هؤلاء، بل لدى المرجعيات التي وزّرتهم.
 مع أن تأليف الحكومة يوحي، في الظاهر أو قد يفترض، تبريد النزاع الناشب بين رئيس الجمهورية والسنّة بقيادة نادي رؤساء الحكومات السابقين، وهو الأسوأ حتى الآن بين الفريقين، بيد أن البعض المطلع العارف يتحدّث عن ميقاتي ما بعد التأليف يختلف عن ميقاتي التكليف. في جزء من هذا الاعتقاد يعود إلى بداية الحديث عن تكليف نائب طرابلس ترؤس الحكومة، عندما ناقش الرؤساء السابقون المرحلة الجديدة من دون الرئيس سعد الحريري في السرايا بعد اعتذاره، وتداعياتها على السنّة الذين – بحسب ظنون هؤلاء – أن رئيس الجمهورية يدمّر موقعهم ومكانتهم في الحكم والدستور، اتفقوا في ما بينهم – في حضور ميقاتي – على أن تكون القرارات المصيرية التي يتخذها بالشراكة مع ناديهم. يشمل ذلك الملفات الحساسة والسياسات الأساسية التي يقتضي التشاور المسبق حيالها.
مغزى هذا الموقف أن وجود ميقاتي في السرايا هو بتكليف من أسلافه، مقدار انبثاقه من الغالبية النيابية، ما يجعل وزن هؤلاء لا يقلّ شرعية عن تلك. ما راموه كذلك، أن حكومة ميقاتي هي مَن يقتضي أن يقود البلاد في السنة الأخيرة من ولاية رئيس الجمهورية.