إنها حكومة “الأمل والعمل”

11 سبتمبر 2021
إنها حكومة “الأمل والعمل”

نها حكومة “الأمل والعمل”. فمن دون أمل لا عمل، والعكس صحيح. ومن دون هذا الأمل في إمكانية النهوض يبقى العمل المرجو من دون أفق.  الناس المكتوون بالنار، نار الهمّ، ونار الغلاء، ونار الفوضى، ونار الذّل، ينتظرون الكثير من هذه الحكومة، التي تأخرت سنة وشهر قبل أن تبصر النور. المهمّ أنها قد ولدت من دون تكبدّ عناء التفتيش عن “الداية”، التي كانت لها إسهامات متقدمة لتذليل العقد التي وضعت في طريق تشكيلها، خصوصًا بعدما تبيّن أن الخارج كان يريد نهاية سعيدة لمسيرة التأليف أكثر من بعض اللبنانيين، وأنه كاد يفقد الأمل بقرب ولادتها لو لم يُمارس هذا البعض من الخارج أقصى الضغوطات. ويُقال أنه لجأ إلى وسائل ردعية كسلاح أخير قبل فقدان الأمل. 

وعلى هذا الأمل يمكن القول أن الأمل لوحده لا يكفي. فبمقدار ما هي الآمال كبيرة بمقدار ما يتطلب الأمر من هذه النخبة المنتقاة لتكون فريق عمل متجانسًا العمل بأقصى الإمكانات، حتى ولو كانت هذه الإمكانات متواضعة. فالوقت ليس وقت العمل الروتيني العادي، بل هو وقت العمل الدؤوب والمضني والشاق. المهمّة ليست سهلة على الإطلاق، ولكنها ليست متعذّرة أو مستحيلة.  
المواطنون الموجوعون والصابرون والعاضّون على جروحاتهم لن يرحمونكم. إذا عملتم، وكان لعملكم نتيجة، وهي لن تكون فورية، لأنكم لا تحملون عصًا سحرية، يُصفقّ لكم. أمّا إذا لم تعملوا وقلتم لنا “ما خلّونا نشتغل”، فتوقعوا “زيارات” دورية إلى منازلكم من قبل المواطنين الذين ينتظرون الكثير.   لكل وزير طريقة عمل، ولكن للحكومة مجتمعة أهدافًا وخطّة عمل وبرنامجًا واضحًا ودقيقًا. فكل وزير من الوزراء الـ 23 يعلم علم اليقين حجم الوجع  والقهر الذي يعيشه اللبنانيون، وكذلك الاعباء الكبيرة التي يرزحون تحتها، ويقدّرون مدى الحزن والقلق والخوف على المصير الذي ينتابهم، ومدى قساوة الايام التي يمرّ بها الجميع، والتي جعلت الكثيرين من أبناء الوطن يسلكون طريق الغربة يأساً واحباطا، وأنا واحد منهم.  

هؤلاء الوزراء، الذين هم من الشعب، يعلمون كم هو كبير حجم الانهيار الذي يعيشه الوطن على كل المستويات، ومدى خطورة الخلل الذي يصيب مؤسسات الدولة ويضرب هيبتها وحضورها، ويدركون ضخامة وهول التدهور الذي اصاب كل القطاعات الانتاجية. فلسان حال كل وزير يقف اليوم أمام ضميره وشعبه يقول: لا لليأس، لا للإحباط، بل نعم كبيرة للامل والعزم على النهوض من جديد لإعادة بناء ما تهدّم، والعودة بلبنان الى عزّه وبحبوحته على اسس سليمة، بعيدًا عن الفساد والفاسدين والمفسدين. صحيح أنه مع هول المآسي وضخامتها لم يعد الكلام الكثير يفيد بشيء، وفي هذا القول الكثير من الواقعية، ولذلك لن تُطلق الوعود أو يصار التبشير بالمعجزات. أمام هذه الحكومة، التي ولدت من رحم الأحزان والمآسي، الكثير من العمل والجهد، لوقف الانهيار والتدهور، ومعالجة الملحّ من القضايا التي ينبغي الاسراع في معالجتها، وفي مقدمها ما يتعرض له اللبنانيون في كرامتهم ومعيشتهم اليومية وابسط مقومات الخدمات. هذه الامور، على بديهيتها، باتت اولوية الاولويات عند اللبنانيين، ولذلك ستكون الشغل الشاغل لهذه الحكومة في المرحلة الاولى، بالتوازي مع المباشرة بالاتصالات اللازمة مع الهيئات الدولية المعنية لاطلاق ورشة الحل الشامل والمعالجة المطلوبة لمختلف الملفات المالية والاقتصادية، بما يتيح وضع البلد على سكة التعافي. قالها الرئيس نجيب ميقاتي بعد التكليف وقبل التأليف، ويقولها اليوم، ولكن بصوت أعلى: يد واحدة لا تستطيع التصفيق.