تعطيل الحكومة “غير وارد”.. ما هي الأسباب؟

12 سبتمبر 2021
تعطيل الحكومة “غير وارد”.. ما هي الأسباب؟

في كلمته الأولى من بعبدا عقب إصدار مراسيم تشكيل الحكومة، كان الرئيس نجيب ميقاتي واضحاً في مسألة أساسية: “لا ثلث معطّلا لأي طرف في الحكومة، ومن يريد التعطيل فليخرُج منها”. وحتماً، فإنّ رأي ميقاتي هنا يأتي حاسماً بوجوب ضمان استمرارية عمل الحكومة لإنقاذ البلاد من الإنهيار شرط ألا تكون مثقلة بأعباء المناكفات والكيدية السياسية.

وفي الواقع، فإنه ما إن تم الإعلان عن حكومة الإنقاذ حتى بدأ الترويج لوجود “ثلث مقنع” داخل مجلس الوزراء من صنع رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل. وهنا، فإنّ هذا الكلام يصوّر على أن تركيبة الأسماء الحكومية كانت من إخراج عون وحده الذي يعدّ هيكلاً أساسياً في التأليف. إلا أنّ ما لا يمكن نكرانه أبداً هو أن “دهاء” ميقاتي لن يجعله يقع فريسة ثلثٍ مقنع أو معطل هنا أو هناك يساهم في شلّ حكومته. وإضافة إلى ذلك، لا يمكن أبداً استبعاد “بصمة” رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يرفض وجود أي ثلث معطل في الحكومة مهما كلّف الأمر. ولذلك، فإنّ التصوير بوجود مؤامرة يصفه البعض بمثابة “وضع عصي في الدواليب” واستهداف مباشر لتشويه صورة الحكومة قبل انطلاقتها وإحداث شرخٍ ضمنها.

وخلال مسار التشكيل، فإنّ ميقاتي كان عالماً بكل هذه التفاصيل، كما أنّه كان يُدرك محاذير عديدة أبرزها حساسية الأقطاب والأطراف السياسية. وإضافة إلى ذلك، لم يكن الغطاء الخارجي بعيداً عن ميقاتي الذي تعرفه الدول بأنه “رجل أعمال ناجح” يستطيع أن يدير الدفّة بأسلوبٍ مُثمر. ومجدداً، ما يمكن قوله أن المجتمع الدولي مستعدّ لتقديم “الأوكسجين” إلى لبنان الذي دخل في موت سريري، وسيكون ذلك عبر تسهيلات وضمانات وتمويل مدروس مرهون بشروط عديدة.وفي ما خصّ الجبهة الداخلية، فإنه لا توجد مصلحة لأي أحد بعرقلة عمل الحكومة خصوصاً في هذا التوقيت. واليوم، يبرزُ شبه إجماع بين القوى السياسية الأساسية على ذلك، ومما لا شكّ فيه هو أن الحكومة الحالية قد تشكل متنفساً لعهد عون بعد مخاض طويل وعسير.ووفقاً للمعلومات، فإن “القرار اتخذ بشكل بارز لعدم وضع عراقيل أمام الحكومة لا من قبل كتلة لبنان القوي ولا من أي تكتل آخر”. وبحسب المصادر، فإنّ “التيار الوطني الحر سيكون واضحاً في مواقفه اتجاه عمل الحكومة وهناك قرار بالتعاون باعتبار أن أعباء الأزمة باتت ثقيلة على الشارع المسيحي، في حين أن التسوية الأخيرة لم يعتبرها هزيمة له”.كذلك، تقول مصادر سياسية مقربة من الثنائي الشيعي لـ”لبنان24″ إن “ميقاتي ليس سهلاً ويعرف تفاصيل المعركة التي دخل في صميمها، ولديه قرار حاسم بعدم ضرب الحكومة من أي جهة كانت، في حين أن الحريري ورؤساء الحكومات السابقين يعون تماماً حساسية المرحلة التي تتطلب وعياً ودقة، ولن يتركوا ميقاتي يخوض المعركة وحيداً”.ومع هذا، فإنّ الحكومة الحالية تختلفُ تماماً عن حكومة الرئيس السابق حسان دياب. فمع الأخير، كان هناك نفور سياسي من حكومته، كما أن الهجمة من الخصوم كانت كبيرة إذ جرى تصويرها على أنها “حكومة عون وحزب الله”. أما في ما خص الحكومة الجديدة التي يترأسها ميقاتي، فإنه خيار معاداتها ليس وراداً عند أحد، لأن الظروف بشأنها مختلفة. وحتماً، هناك التفاف دولي حولها واتفاق أميركي – فرنسي بشأنها وترحيب إيراني. كذلك، فإن الكتل السياسية شاركت في تأليفها ونسجها من دون أي مواربة. وهنا، يمكن القول أنه لن يتم السماح بتعطيل عمل الحكومة من قبل أي جهة خصوصاً أن الوقت يضيق قبل حلول موعد الانتخابات النيابية. وحتماً، فإن الحلول التي ستتخذ عبر تدخل الخارج، ستساهم في إنعاش أوضاع الناس على الرغم من أن بعض الجهات تصوّر بأن التسوية الحكومية الأخيرة هي إنعاش لنظام الحكم القائم.وحُكماً، فإن كل الأطراف ستكون فاعلة لإخراج نفسها من الأزمة والمأزق الكبير وهو أمر لا يمكن أن تنكره أي جهة سياسية. أما في ما خصّ “حزب الله”، فتقول مصادر مطلعة على أجوائه أنه “ليس من مصلحته تمييع الحلول أو عرقلتها، كما أنه لن يساهم في أي دور يعرقل عمل الحكومة لا من قريب أو من بعيد”، وتضيف: “السيناريو الذي يروّج له بأن حزب الله سيساهم في تشكيل ثلث معطل مقنع مع باسيل لإجهاض الحكومة مستبعدٌ تماماً، لأن الحسم باتجاه تسهيل مهمة الإنقاذ من دون أي عراقيل باعتبار أن الطائفة الشيعية تستشعر الأزمة بشكل كبير”.أما في ما خصّ تيار “المستقبل”، فالرئيس سعد الحريري عازمٌ على دعم ميقاتي حتى النهاية، حتى وإن كانت الإنجازات التي ستصنعها الحكومة قد تُحسب على عهد عون. ووفقاً لمصادر “التيار الأزرق”، فإن الهدف اليوم هو الإنقاذ قبل أي شيء، والوصول إلى الانتخابات النيابية التي من خلالها تُحسم الخيارات والتوجهات. وعلى صعيد الأقطاب الدروز، فإنّ عمق الأزمة التي رسخت تقارباً والتحاماً بارزاً قبل فترة يحتاج إلى حلول سريعة، خصوصاً أن الأزمة المعيشية المتمادية أرهقت كاهل سكان الجبل بشكل كبير.