لا بطاقة تمويليّة إلا بشروطي!

13 سبتمبر 2021
لا بطاقة تمويليّة إلا بشروطي!

كتب ايلي الفرزلي في جريدة الاخبار:
 
الرئيس حسان دياب هو أول الرابحين من تشكيل الحكومة. الأسباب كثيرة وأبسطها أنه لن يضطر إلى تحمّل تبعات رفع الدعم من دون إطلاق البطاقة التمويلية، التي اعتبرها مؤخراً قضيته الأولى. وصل به الأمر إلى الخضوع لابتزاز وزير الاقتصاد السابق راوول نعمة، الذي هدده بعدم توقيع مرسوم البطاقة إذا لم يسر بها بالشكل الذي يناسبه. علماً أن نعمة نفسه كان يدرك أن إطلاقه لمنصة البطاقة التمويلية بالشراكة مع وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية ورئيس التفتيش المركزي جورج عطية لم يكن سوى كذبة، أو حقنة مخدرة لا هدف لها سوى الإيهام بأن البطاقة صارت أمراً واقعاً.

الكذبة لم تدم، وسرعان ما فُضحت عبر مجلس شورى الدولة، الذي أكد، في قرار سبق تشكيل الحكومة، عدم جواز استضافة التفتيش المركزي لهذه المنصة، انطلاقاً من أنها من مسؤولية السلطة التنفيذية، التي يُفترض أن تكون خاضعة لرقابة التفتيش. بالتالي لا يُعقل في حال اضطلاع التفتيش في دور تنفيذي أن يقوم بمراقبة نفسه.
همّ دياب كان إطلاق البطاقة قبل إلغاء الدعم، وقد عمل جاهداً للوصول إلى هذه النتيجة، إلى درجة الموافقة على إيكال مهمة إدارة المنصة للتفتيش، خلافاً لقناعته، وكذلك الموافقة على أن تصدر الآلية التنفيذية للبطاقة عبر مرسوم يوقع عليه وزراء ليسوا أعضاء في اللجنة الوزارية المحددة بالقانون (مثل وزير الداخلية). فدياب نفسه كان شكّل لجنة برئاسة وزير الاتصالات وعضوية ممثلين عن الأجهزة الأمنية، مهمّتها التدقيق في أمان وقانونية منصة impact بعد شكوك طالت طريقة إنشائها. لذلك لم يكن منطقياً الاستعانة بالمنصة نفسها لاستضافة عمليات التسجيل للبطاقة، لكن وزير الاقتصاد ربط توقيعه بإقرار مرسوم الغاية الأساسية منه هي إعطاء براءة ذمة للتفتيش عن أي مخالفة قد يكون ارتكبها في معرض إدارته لمنصة Impact. وعلى قاعدة «عفا الله عما مضى»، غُضّ الطرف عن المخالفة المرتكبة من قبل التفتيش، إن كان بقبول هبة من دون موجب قانوني، أو بالاستخفاف بالمعايير الأمنية من خلال استضافة الداتا الخاصة بالمنصة على خوادم خارج لبنان. وتم الاكتفاء بنقل استضافة الداتا الخاصة بالبطاقة التمويلية من خوادم يعتمدها «التفتيش» في ألمانيا إلى وزارة الاتصالات، بعدما طُلب من شركة Siren associates، التي تدير Impact، تصميم البرنامج الإلكتروني وإنشاؤه وتطويره لإدارة وتقديم طلبات الاستفادة من البطاقة.«الشورى» ينسف مشروع نعمةفي هذا الوقت، وبالرغم من أن اللجنة الوزارية المحددة في قانون البطاقة التمويلية لم تنجز عملها كاملاً، فلا اتفقت على عملة البطاقة ولا حسمت تمويلها أو الجهات التي يفترض أن تتولى دفعها، كان نعمة يسعى إلى إيهام الناس أن الآلية التنفيذية للبطاقة أنجزت، بالرغم من أن مجلس شورى الدولة لم يكن قد بتّ بمشروع مرسوم تحديد دقائق تطبيق قانون البطاقة، الذي أرسله له وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية لإبداء الرأي، وبالرغم من أن الاتفاق مع الشركة التي يفترض أن تنفذ المنصة لم ينجز ولم يوقع معها أي عقد ولا اتفق على قيمة العقد. أضف إلى أن الشركة، ومن دون أي مبرر، طلبت 700 ألف دولار أميركي، متجاهلة أن البنية التحتية كلها موجودة في التفتيش المركزي، الذي يدّعي ملكيته لها، وسبق أن سجل هذه الملكية في وزارة الاقتصاد!بالنتيجة نسف «شورى الدولة» كل المساعي لتمرير «مرسوم» يشرّع مخالفة القوانين. وفي مطالعته التي صدرت في التاسع من أيلول الحالي، أكد مخالفة المشروع للمادة الخامسة من قانون البطاقة التمويلية. فتلك المادة تشير بوضوح إلى أن المعايير وآلية تطبيق المشروع توضع بقرار مُشترك من قبل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء ووزراء المالية والشؤون والاقتصاد، بالتالي فإن «تحديد آلية التطبيق بموجب مرسوم تخالف قواعد الصلاحية المنصوص عنها قانوناً، ويُفترض إعمال المادة القانونية وإصدار قرار مشترك من اللجنة».

وإذا كان «المرسوم» قد بُني على المرسوم الاشتراعي الخاص بإنشاء التفتيش المركزي، فقد رأت الغرفة التي يرأسها القاضي طلال بيضون ويشارك في عضويتها القاضيان فاطمة الصايغ وسميح مدّاح، أن المرسوم المذكور يخلو من أي نص خاص يُنيط بالتفتيش مهام معيّنة، ويتبيّن خلوّه أيضاً من أي صلاحية تتعلق بإنشاء منصة لمثل غايات تطبيق القانون آنف الذكر، بخاصة أن إنشاء منصة كهذه يندرج في إطار الأعمال التنفيذية التي تتولاها الأجهزة الإدارية التنفيذية في وزارات الدولة، فيما التفتيش المركزي يقوم بمهمة الرقابة على أعمال هذه الإدارات في معرض إنشائها منصات كهذه وقيامها بمهامها التنفيذية بصورة عامة، ولا يصح، في أي حال من الأحوال، أن يجمع هذا التفتيش، ودونما نص تشريعي، بين مهام التنفيذ والرقابة والإشراف على التنفيذ.«المشروع» الذي يعتبره المجلس عنواناً غير ذي صلة، يفتقر إلى بيان السند القانوني الذي ارتكز عليه إسناد إنشاء بوابة إلكترونية إلى شركة Siren associates. كما يفتقر إلى بيان ما ارتكز عليه إنشاء هذه البوابة على منصة Impact في التفتيش المركزي ، فيما أن هذا التفتيش هو جهاز رقابة.وفي الختام، وبعد 27 ملاحظة ساقها المجلس، تؤكد المطالعة ضرورة أن يتضمن القرار المطلوب اتخاذه مادة تنص صراحة على وجوب حفظ المعلومات كافة التي سيتم تجميعها لتطبيق برنامج الدعم داخل لبنان وليس افتراضياً أو خارجه.
 
كما جاء في الاخبار ايضاً:
 
فهمي يمنع التعامل مع Impact 

 
وزير داخلية تصريف الأعمال محمد فهمي كان قد حذّر، في 7/6/2021، رئاسة الحكومة، من تخزين بيانات على خادم أجنبي بشكل مشبوه عبر منصة Impact. لكن لأن الأخيرة كانت تنتظر تقرير اللجنة التي شكلت برئاسة وزير الاتصالات، ليبنى على الشيء مقتضاه. ولأن وزير الاتصالات لم يكن قد أجاب بعد، لم تجب رئاسة الحكومة، فعمد فهمي، في 21 آب، إلى الطلب من كل مديريات الوزارة عدم إجابة أي طلب من أي إدارة أو أي جهاز رقابي آخر تطلب فيه أي نوع من المعلومات عبر منصة Impact، على أن يصار إلى إيداع الوزارة طلبات المراجعات، إلى حين جواب المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء.
بعد ذلك، ولحسم الموضوع، عُقد في وزارة الداخلية اجتماع ضم الوزراء (تصريف الأعمال: زينة عكر، فهمي، رمزي مشرفية، راوول نعمة، طلال حواط، حيث تداولوا في موضوع التحضيرات المتعلقة بإطلاق البطاقة التمويلية والمخاطر الأمنية المتعلقة بحفظ بيانات المعلومات، على خوادم افتراضية موجودة في ألمانيا، إضافة إلى موضوع قانونية تكليف التفتيش المركزي وشركة Siren العاملة على تطوير وإدارة البرنامج وملكية البيانات، التي تم تجميعها وإدارتها واستئثار التفتيش المركزي بمفاتيح البرنامج والتصاريح الخاصة به.
في الاجتماع، طلب فهمي توضيح موضوع تكليف التفتيش والشركة المعنية نظراً لخطورة المعلومات والبيانات التي يتم تداولها وحفظها في خوادم موجودة في ألمانيا. كما ناقش ما يقوم به التفتيش من تصرفات لا تدخل ضمن مهامه، وإقدامه على مراسلة المديريات والمحافظات والأجهزة التابعة للوزارة مباشرة لطلب معلومات تصنف أمنية وسرية لتخزينها على خادم أجنبي. وقال إن مصرف لبنان يمتلك قاعدة بيانات ضخمة يمكن استخدامها لنقل وحفظ كافة البيانات المتعلقة بالمواطنين الموجودة على المنصة Impact والمحفوظة في ألمانيا.