ها هي الحكومة العتيدة قد تشكلت إن كان بفعل كلمة سر وتسهيل فرنسي – إيراني – أميركي أم بفعل توافق داخلي على الأسماء والحقائب.
لكن الأنظار خلال الأسبوع الطالع ستبقى مشدودة نحو البيان الوزاري ومسألة إعطاء الثقة في المجلس النيابي، وسط تباينات في آراء الكتل النيابية وأولها التيار الوطني الحر الذي أعلن أنه يربط منح الثقة للحكومة بالبرنامج مما يعني إنقلاباً على الرئيس نجيب ميقاتي وتقويض مهامه على الرغم من أنه لم يكن ليشكل الحكومة من دون ضمان هذه المسألة.
وفيما أصبح واضحاً أن الثقة ستعطى لحكومة ميقاتي من قبل الثنائي الشيعي وتيار المستقبل وجنبلاط وبعض النواب المستقلين، أشارت مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير” الى أن تيار المردة يدرس خياراته وأبرزها حجب الثقة في خطوة لافتة، ولا سيما أنه فاوض على المقاعد الوزارية وحصل على وزيرين، هما جورج قرداحي وجوني القرم مع أنهما لا ينتميان الى المردة لكنه بذلك وجد باباً نحو المجتمع الدولي الذي طالب بوجود إختصاصيين في الحكومة.
وفي بعبدا، سيُفتتح المشهد على الصورة التذكارية التي ستكون بمعظمها ذكورية بإستثناء الوزيرة الوحيدة السفيرة نجلاء عساكر التي ستزيّن هذه الصورة أنثوياً. فيما ستشهد طاولة مجلس الوزراء التي غابت عنها الإجتماعات الوزارية قرابة السنة الجلسة الأولى للحكومة الجديدة لتكليف لجنة لصياغة البيان الوزاري.
هذا البيان وحسب مصادر متابعة لموقع “لبنان الكبير” سيغلب على بنوده الطابع الإقتصادي وأبرز عناوينه: الإصلاحات، ومفاوضات صندوق النقد الدولي، وملف الكهرباء، والإنتخابات النيابية.
وستوضع بعض اللمسات البارزة التي تتناول الشق المتعلق بالأزمة المالية والإقتصادية في البلاد وكيفية الخروج منها.
أما في الشق السياسي ولا سيما الإستراتيجي منه، والمتعلق بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، فسيكون من وحي البيانات السابقة ولا تعديلات كبيرة عليه، إنما سيتم التشديد على موضوع النأي بالنفس، والحرص على العلاقات مع الدول الصديقة والشقيقة، ولا سيما أن الرئيس ميقاتي صرح بأنه “يجب إتباع منهجية حكومية وسياسية جديدة، عنوانها إستعادة العلاقات مع كل الدول، وخصوصاً الدول العربية.
وأن الوقت هو الآن لإطلاق ورشة عمل للنهوض بلبنان من أزماته المتوالية، والحدّ من الإنهيار، والإسراع في العمل على إنجاز ملفات أساسية تتعلق بأزمة الكهرباء وإيجاد الحلول السريعة لها، بالإضافة إلى ملف المحروقات وتوفيرها، لتسهيل انطلاق العام الدراسي”.
يأتي الرئيس ميقاتي الى سدة رئاسة الحكومة وسط إنهيار شامل للبنان، وتتمحور طموحاته على مخاطبة المجتمع الدولي من باب توفير المساعدات لإخراج البلد من أزماته الراهنة، والتي تلقي بثقلها على المواطنين، مع تأجيل العناوين السياسية التي حكمت تشكيل الحكومة منذ عام وشهر وفي ظل الكلام عن الثلث المعطل المقنّع الذي حصل عليه رئيس الجمهورية ميشال عون.
فيما تشير مصادر مطلعة إلى أن بعض الوزراء الجدد ولا سيما من يحملون الجنسية الفرنسية ومنهم وزراء الطاقة والإتصالات والزراعة والأشغال على سبيل المثال سيشكّلون الرافعة داخل مجلس الوزراء، على الرغم من أن حقيبتي الأشغال والزراعة من حصة حزب الله، وحسب المصادر عينها فإن الموافقة على إعطاء الأشغال لحزب الله وهي المشرفة على المطار والمعابر الحدودية كان متوافقا عليه فرنسيا وإيرانياً وستبقى عيون فرنسا حاضرة داخل مجلس الوزراء لتنفيذ بعض ما اتفق عليه في المبادرة الفرنسية، مما يؤكد الرعاية الدولية للحكومة.
وكانت تغريدات السفراء عبر تويتر ومنهم السفيرة الفرنسية آن غريو بعيد تشكيل الحكومة كافية لتظهير هذه الرعاية حيث قالت: “بعد 13 شهرًا من الفراغ، تشكيل الحكومة خطوة أولى أساسية نحو تعافي لبنان. وهناك الآن حاجة ملحة للعمل”.
وتشير المصادر الى أن بعض الوزراء تم إختيارهم ولا سيما من قبل التيار العوني على أساس أنهم المساعد للمرحلة المقبلة ولا سيما التفاوض مع صندوق النقد الدولي، كنائب رئيس الحكومة سعادة الشامي الحائز على شهادة دكتوراه في الاقتصاد والذي كان يشغل منصب الأمين العام لهيئة الأسواق المالية، ويوصف بأنه مهندس الحلول لأصعب الانهيارات الاقتصادية من موريتانيا إلى لبنان مروراً باليمن. كما شغل منصب كبير الاقتصاديين في أهم المؤسسات الاقتصادية، ومدير في صندوق النقد الدولي، أما ضمان النجاح في الإنتخابات النيابية، فتتمثل بتوزير وزير الخارجية عبد الله بوحبيب وهو مستشار نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس.
لكن ما يطمئن هو أن المجتمع الدولي المعني بلبنان والذي يعمل على مساعدة الجيش اللبناني والمجتمع المدني خصوصاً، يريده متعافياً من دون الإنزلاق الى الإنهيار الشامل والفوضى الأمنية، حيث كانت المطالب الفرنسية – الأوروبية – الأميركية تشدد على ضرورة وجود حكومة تتمتع بالصلاحيات وملتزمة وقادرة على تنفيذ إصلاحات عاجلة، إضافة الى مساعدة الجيش اللبناني لأنه المؤسسة الضامنة للإستقرار، والتعبير الأبرز عن ذلك كان قرار الرئيس الأميركي جو بايدن تفويض وزير خارجيته بموضوع 45 مليون دولار أميركي للجيش.
كما حذرت المطالب من إنزلاق الوضع الى كارثة إنسانية، وشددت على ضرورة إجراء الإنتخابات في موعدها لأنها قد تحقق نوعاً من الديموقراطية التي ينشدها اللبنانيون بعد المخاض الأليم الذي يمرون به وهذا المطلب الأخير شجع، حسب مصادر ديبلوماسية، دول الغرب على تشكيل الحكومة سريعاً في ظل توجه كان بدأ يبرز في أفق الرئيس عون وحلفائه حول تطيير الإنتخابات والتمديد لرئيس الجمهورية وإحداث فراغ في الحياة البرلمانية.