أزمة المياه هي أحدث مظهر من مظاهر أزمة لبنان الاقتصادية المستمرة منذ عامين. وترتبط بواقع شح الوقود الناجم عن نقص في العملة الأجنبية، ما يحول دون التمكن من سداد المستحقات.
ويأمل اللبنانيون في أن يؤدي إنطلاق عمل الحكومة الجديدة، التي تشكّلت يوم الجمعة، إلى تحسين الأوضاع. وقال المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران، لصحيفة “ذا ناشونال” الإماراتية، إن امدادات المياه في المناطق المكتظة بالسكان من بيروت وجبل لبنان قد تراجعت بنحو 40 في المئة. وأضاف: “لقد قمنا بترشيد استخدام المياه بشدة خلال الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع الماضية”.
ويبقى الحل، بالنسبة إلى كثير من اللبنانيين، بشراء المياه من موردين خاصين، إلا أن الأسعار أصبحت مرتفعة بشكل كبير، وغالباً ما تكون باهظة الثمن بالنسبة إلى لسكان المحليين الفقراء. وبحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، يعاني 2.4 مليون شخص، اي اقل بقليل من نصف السكان، من نقص المياه. لقد نفد تمويل مشروع مدعوم من الاتحاد الاوروبي لدعم مصانع انتاج المياه في حزيران الماضي، إلا أن “اليونيسيف” طلبت قرضاً طارئاً بقيمة مليون دولار بهدف استلام المزيد من الأموال. وقالت إيتي هيغنز، نائبة رئيس “اليونيسيف” في لبنان، “إننا نشتري الوقت فقط كي يجد صناع القرار حلا طويل الأمد”. وقال مدير برنامج التغيّر المناخي والبيئة في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية، نديم فرج الله إن قضية المياه والطاقة مترابطة إلى حد كبير. نحن بحاجة إلى حل مشكلة الطاقة أولاً حتى لا نعاني من المزيد من مشاكل المياه. ومن جهته، قال المدير العام لمؤسسة مياه لبنان الجنوبي وسيم ضاهر إن معظم السكان المحليين جاهزون ولديهم خزانات على أسطحهم تخزن ما يكفي من المياه لعدة أيام. وعبّر ضاهر عن قلقه بشأن كيفية تعامل الناس إذا استمر نقص المياه. وقال: “التحديات تتراكم، وستكون كارثية إذا استمرت الأزمة”. وأضاف ضاهر: “نحن متخوفون من أن نصل إلى مكان يصبح التأثير فيه على صحة السكان كبيراً”. وعبرت “اليونيسيف” عن مخاوفها. وذكرت في تقرير لها، نشر في تموز، حول نظام إمدادات المياه في لبنان أن “تكلفة التقاعس ستؤثر أيضاً على المستشفيات والمدارس ومراكز الرعاية الصحية العامة. ففي حال النقص في كميات المياه الجارية، سوف يزداد تفشي الأمراض في مرافق الرعاية الصحية”. ويؤدي عدم الحصول على المياه الصالحة للشرب إلى زيادة مخاطر تفشي الأمراض المنقولة بالمياه، بما في ذلك الإسهال المائي الحاد والأمراض التي تم القضاء عليها منذ فترة طويلة في لبنان، مثل الكوليرا”. ومن غير الشائع في لبنان استخدام مياه الصنبور للشرب لأنها غير آمنة، ولكن إن كانت ملوثة فقد تؤثر أيضاً على الصحة عند استخدامها للطهي أو للاستحمام. ولفت فرج الله إلى أن “جودة المياه مشكوك بأمرها”. وتابع قائلاً: “من المرجح أنه لا تتم معالجتها بشكل جيد كما وأنها تحتوي على القولونيات البرازية (بكتيريا) أو مسسبات الأمراض التي يمكن أن تؤثر على صحة الناس”. لكن، نادراً ما تعطى الأولية للجودة عندما تصبح المياه شحيحة.