كتبت رجانا حميّة في صحيفة “الأخبار” كلما اشتدت الأزمة الاقتصادية – المالية تمدّدت تأثيراتها لتطاول قطاعات لم تكن في الحسبان. شيئاً فشيئاً، تغيب قطاعات عن العمل بشكلٍ نهائي، فيما تتوقف أخرى قسراً لفترةٍ لا أحد قادراً على تحديد نهايتها. ولعل أكثر القطاعات الممسوسة بتداعيات الأزمة هي تلك الحيوية من الأدوية إلى المحروقات إلى رغيف الخبز وغيرها. مع ذلك، يبقى القطاع الصحي الأكثر تضرراً.
ولأن شر البلية ما يضحك، فقد أدى فقدان بطاريات ups من الأسواق إلى تعطيل عمل الجهاز البحثي التشخيصي لتتبع متحورات “كوفيد ـ 19” (next generation sequencing) في الجامعة اللبنانية.
ففي التاسع والعشرين من تموز الماضي، احتفلت الجامعة، بحضور وزير الصحة السابق حمد حسن، بوصول الجهاز التشخيصي الذي قدمته شركتا “بيو تكنو” و”بيو تك” لمختبر كلية العلوم في الجامعة، لتأمين استمرارية العمل في مجال تتبع فيروس كورونا، وتفادياً لإرسال العينات إلى الخارج لإجراء التسلسل الجيني وكشف المتحورات. لكن «يا فرحة ما تمّت”، إذ لم يجر تشغيل الجهاز وتدريب بعض العاملين عليه تمهيداً للبدء بالكشف عن متحورات “محلية” بسبب فقدان بطاريات الـups من الأسواق. وأوضح عميد كلية العلوم، الدكتور بسام بدران، أن الجهاز “كان يحتاج لبعض المعدات لكي يصبح جاهزاً للتشغيل، وقد عملنا على تجهيز الجزء الأكبر من هذه الحاجيات، إلا أننا توقفنا عند البطاريات (بقوة 10 kva) وهو ما يعيقنا اليوم عن التشغيل”. ويحتاج الجهاز التشخيصي، شأنه شأن أي جهازٍ آخر، إلى “كهرباء منتظمة، كي لا يتعطل، إذ يفترض أن يكون التيار الكهربائي الواصل إليه منتظماً، وأن لا تلعب الكهربا أو تفصل عنه لأن ذلك يؤدي إلى تعطيله”. ويأمل بدران في ألا يستمر التعطيل لفترة طويلة، متوقعاً حل الأزمة الأسبوع المقبل، استناداً إلى وعد إحدى الشركات بتسليم تلك البطاريات للمختبر.
وتشهد الأسواق شحّاً في هذه البطاريات بسبب الصعوبات التي تواجهها الشركات في استيراد المعدات والتهافت على شرائها بسبب التقنين الكهربائي، ناهيك عن تخزين المعدات أو بيعها في السوق السوداء.