تحقيقات سرية وتساؤلات مشروعة: “مَن فتح سِكْر الخزّان؟”.

15 سبتمبر 2021
تحقيقات سرية وتساؤلات مشروعة: “مَن فتح سِكْر الخزّان؟”.

في عَدّاد الأيام المشؤومة التي تمرّ بها البلاد، يسجل أيلول في نصفه الأول مرور شهر على ما عُرِف ب” مجزرة البنزين الثمين” أو حادثة إنفجار خزّان الوقود في بلدة التليل العكارية المتاخمة للحدود مع سوريا، حيث سقط ٣١ ضحية وأكثر من ١٠٠ مصاب بحروق وبدرجات متفاوتة.

 شهر مرّ على هذه الحادثة ولم تتمكن خلاله وسائل الإعلام إلا لِماماً من خرق سرية التحقيقات التي باشرتها الشرطة العسكرية في الجيش بعد التأكد من سقوط عدد من العسكريين بين الضحايا والمصابين.
هذا الغموض زاد من وتيرة الأسئلة المشروعة أقله من قبل أهالي الضحايا والمصابين وأولياء الدم، في حين أن السياسيين في غالبيتهم اكتفوا ببيانات تستنكر أفعال الإهمال والتقصير والجشع والطمع والإحتكار، من دون إغفال جناية “القصد الإحتمالي” الموصوف لجهة القبول بالمخاطرة بأرواح الناس. 

الشرطة العسكرية، بعد استكمال تحقيقاتها، أحالت الملف على مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي الذي إدعى على خمسة أشخاص هم: جورج رشيد إبراهيم وهو مالك الأرض التي وُضع فوقها الخزّان بشكل مموّه يوحي وكأنها ورشة لمواد البناء، وعلي فرج مالك الخزّان الذي انفجر وهو موقوف بتهمة التهريب منذ أربعة أشهر سبقت الحادثة، وعنصرين جمركيين هما ر.ش و أ.ع لتدخلهما في ارتكاب الجريمة والإحتكار ومخالفة القوانين المالية، إضافة الى ح.أ المشتبه به بإشعال ولّاعة قرب الخزّان، وهو من الذين أصيبوا بحروق.
التكتّم على نتائج التحقيق أثار حفيظة نقيب المحامين في طرابلس والشمال محمد المراد فتساءل” مَن اتخذ القرار بمصادرة كمية البنزين الموجودة داخل الخزّان ومَن قرر توزيع الكمية المتبقية من الليترات التي قُدرت ب ٨ الآف ليتر من أصل ١٣ ألفاً والتي صادرها الجيش، على الناس بهذه الطريقة التي لا تأتلف مع العقل والمنطق؟
وأبعد من التحقيقات أمام القضاء العسكري “الكتوم”، يبقى السؤال عن إمكانية إحالة هذه الجريمة التي مسّت بمفهوم الأمن القومي والإجتماعي على المجلس العدلي، بعد انتفاء العائق الدستوري المتمثّل بوجود حكومة تصريف أعمال عند وقوعها، ما حال دون إصدار مرسوم بهذا الخصوص، مع تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات.
بين فرضية أولى تشير الى إطلاق النار على الخزّان وأخرى تتحدث عن إشعال ولّاعة قربه، حلّت على لبنان كارثة لا تزال، بعد شهر على مرورها، من دون جواب واضح على سؤال بسيط: “مَن فتح سِكْر الخزّان؟”.