نفوذ باريس محفوظ.. بانتظار التسوية الكبرى!

15 سبتمبر 2021
نفوذ باريس محفوظ.. بانتظار التسوية الكبرى!

ما ان تشكلت الحكومة حتى بدأت السفيرة الفرنسية آن غريو جولة على القوى السياسية شملت جميع الشخصيات حتى تلك التي كانت مهددة بالعقوبات الفرنسية بسبب عرقلة تشكيل الحكومة. يبدو ان باريس تريد لعب دور الحاضنة الجدية للحكومة الجديدة.

عمل الفرنسيون سابقا، وبعد انفجار مرفأ بيروت على وضع قواعد عامة للتسوية في لبنان، من دون الدخول في التفاصيل اللبنانية، لكن هذا الاسلوب فشل، فتعرقلت المبادرة الفرنسية مراراً.العراقيل التي واجهت باريس لم تكن لبنانية فقط، فأحيانا كانت واشنطن هي من تعرقل الاندفاعة الفرنسية للانقاذ، فإعتبارات ادارة ترامب لعبت دورا جديا في رفض عملية مد الاوكسيجين الى لبنان خلال المرحلة السابقة، على قاعدة ان الانهيار سيصيب “حزب الله” ايضا.

واحيانا اخرى كانت طهران غير راغبة بالدور الفرنسي في الساحة اللبنانية، خصوصا بعد اصطفاف باريس الكامل الى جانب واشنطن في الكباش مع الايرانيين حول الاتفاق النووي، فجاءت ردود الفعل الايرانية على نحو ادى الى انكفاء باريس سياسيا لعدة اشهر.اليوم عاد الفرنسيون بقوة، فالواقع الاقليمي والدولي لصالحهم كما الواقع الداخلي ايضا، خصوصا في ظل تحسن علاقتهم مع “حزب الله” بشكل لافت . ولعل مراعاة الحزب لباريس في اسم وزير الاشغال ابلغ دليل على مستوى هذه العلاقة.لا ينظر الفرنسيون الى لبنان بوصفه ساحة نفوذ اقليمية فقط بل هو من وجهة نظرهم آخر قلاعهم المفترضة، خصوصا في ظل الاندفاعة التركية الى ليبيا، والسيطرة الروسية على المنافذ البحرية السورية بالكامل.هكذا شعرت باريس ان سقوط لبنان امنيا او اقتصاديا سيعني تقدم انقرة وطهران بشكل كامل داخله، وامكانية تحول سواحله الى قواعد جدية للهجرة الى اوروبا اذا لم تصبح منطلقا للارهابيين الذين سيجدون فيه حينها، ملجأ مناسبا.بات الفرنسيون اليوم مهتمين بالانقاذ بشكل بالغ الجدية، وهم يستغلون الواقع الدولي الملائم ويعملون على الدخول في التفاصيل اللبنانية منعا لاي عرقلة قد تصيب الحكومة وقد يكون سببها هذه القوة السياسية او تلك، كل ذلك يحصل في ظل رغبة جدية في حل بعض الازمات الحياتية المتجذرة..