كتبت غادة حلاوي في” نداء الوطن”: صدق وزير الاعلام جورج قرداحي بقوله ان الفترة الزمنية القياسية التي أقرّ خلالها البيان الوزاري يمكنها ان تدخل كتاب غينيس للارقام القياسية. فلأول مرة في تاريخ لبنان تعد الحكومة بيانها الوزاري خلال ثلاث جلسات امتدت على نحو ست ساعات ليس اكثر. لتتفوق بذلك الحكومة الجديدة على الحكومات التي سبقتها.
نجحت حكومة “العزم والامل” في اخراج بيان وزاري يتطرق الى كل المواضيع الخلافية من دون ان يعكر صفو اي فريق. القدرة على الصياغة هنا تفوقت من خلال اختيار المصطلحات والعبارات التي تحاكي القانون وهموم الناس وغير مستفزة. اختار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اسم حكومته، فاستعار من تياره مصطلح العزم مضيفاً اليه جرعة امل لعلّ وعسى ان ينجح الوزراء في انجاز اليسير في الاشهر القليلة المتبقية لحكومتهم.بعناية دقيقة تم اختيار مصطلحات البيان الوزاري، ليتم التهرّب بذكاء من كل ما من شأنه ان يعكر صفو انطلاق الحكومة. على مدى ثلاث جلسات تقدم الوزراء بملاحظاتهم، وأعدوا خطوطاً عريضة عن برنامج عمل كل وزارة فخرج البيان متضمناً وعوداً مختلفة، بعد ان اعاد التأكيد على مبدأ حق الشعب بالمقاومة. ومن خلاله تعهدت الحكومة اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، والسير بالتحقيق الجنائي، والتأكيد على متابعة التحقيقات في جريمة المرفأ، ولعل هذا البند من اكثر البنود التي نالت حيزاً من النقاش بالنظر الى حساسية المصطلحات المستخدمة وتجنباً لاستفزاز اهالي الضحايا، اما في موضوع الكهرباء فتجزم مصادر مشاركة ان احداً لم يتطرق لموضوع المعامل لا سلعاتا ولا غيرها، على عكس ما حاول البعض الايحاء به. ومن المسلمات التي اعيد التأكيد عليها ايضاً القرارات الدولية والمفاوضات حول ترسيم الحدود وقضية الامام موسى الصدر. ومالياً تمّ التأكيد على اعادة تنظيم القطاع المصرفي بما يضمن للمودعين حقوقهم، كما تم التأكيد على اعادة هيكلة الدين والتفاوض مع صندوق النقد. هذه وغيرها من عناوين لم تتوضح آلية تنفيذها، وامكانية ذلك من الاساس، حيث ان التشكيك بامكانية التنفيذ انطلق من المعنيين بالشأن المالي اولاً ممن رأوا صعوبة في التزام تنفيذ بعض البنود.
ونفت مصادر وزارية داخل لجنة صياغة البيان الوزاري ان تكون النقاشات داخل الجلسة اتخذت طابع الحدة او وصلت الى حد الخلاف، لتجزم ان الليونة كانت هي الطاغية واصفة البيان الذي اعد على انه من اكثر البيانات الوزارية موضوعية، فلم يأتِ فضفاضاً ورناناً لأن كل الوزراء في اللجنة التقوا على هدف واحد وهو محاكاة مشاكل الناس وهمومهم.