“توتر” بين بري وباسيل في عزّ “الإيجابية”.. ما السرّ؟!

16 سبتمبر 2021
“توتر” بين بري وباسيل في عزّ “الإيجابية”.. ما السرّ؟!

كتب المحرر السياسي: “سلكت حكومة “العزم والأمل” برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي طريقها نحو “العمل” الذي اختارته عنوانًا لها، بتسجيلها “رقمًا قياسيًا” على صعيد صياغة البيان الوزاري، في مهلةٍ لم تتجاوز ثلاثة أيام، عبرت خلالها بين “الألغام”، دون مشاكل أو خلافات تُذكَر، لتضرب موعدًا مع “ثقة” مجلس النواب في جلسةٍ مُنتظَرة الأسبوع المقبل.

تُعطى الكثير من الأسباب لهذه “الاندفاعة” الحكومية، أولها شعور رئيس الحكومة والوزراء بضرورة تعويض “الوقت الضائع” منذ استقالة حكومة الرئيس حسّان دياب قبل أكثر من عام، وهو وقتٌ شهد من “المصائب والكوارث” التي حلّت دفعة واحدة على اللبنانيين، ما يكفي لمنع “التلهّي” بخلافات شكلية، وربما سطحيّة، على مصطلح من هنا أو تعبير من هناك.وإذا كانت الحكومة اختارت منطق “الاقتضاب والكثافة” في صياغة البيان الوزاري، فإنّ الانكباب إلى العمل ينبغي أن يكون مسارها بدءًا من اليوم، خصوصًا أنّ البرنامج الذي سُرّبت مسودّته يبدو واقعيًّا وطموحًا، ما يتطلب تضافر الجهود لتنفيذه، ولا سيّما أنّ الكثير من عناوينه أكثر من “مستعجلة”، وهي تمسّ مباشرة الشؤون الحياتية للمواطنين.

توتر سياسي!لكن، بموازاة “الإيجابية” التي تُسجَّل للحكومة في هذا السياق، وبانتظار استكمال إجراءات تمهيدًا لمثولها أمام مجلس النواب طلبًا للثقة، مطلع الأسبوع المقبل على الأرجح، برز تطوّر اعتبره كثيرون خارج السياق، وتمثّل بـ”التوتر” الذي تجدّد بين رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل ورئيس مجلس النواب نبيه بري.وجاء تجدّد التوتر على خلفية المقابلة التي أجراها باسيل مع قناة “العربي”، حيث كان لافتًا تصويبه على بري، بوصفه أحد أفراد “المنظومة السياسية والمالية” التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه، معتبرًا أنّ الأخير قادر على التعطيل ومتحكّم بزمام الأمور، مستندًا إلى كلام نسبه لبرّي جاء فيه ما حرفيّته: “الله لا يخلّيني إذا بخلّي عون يحكم”.وفيما شمل هجوم باسيل شخصيّات أخرى قال إنّها “تنتمي إلى المنظومة” نفسها، بقيادة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي وصفه بـ”الحاكم الفعليّ للبنان”، إضافة إلى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي نال “حصّة الأسد” من الانتقادات، كان لافتًا الردّ الذي عمّمه “أوساط كتلة التنمية والتحرير”، وجاء فيه: “فاسق يتنبأ.. وهو الوحيد الذي لم يترك عمّه ليحكم”.ما الخلفيّات؟صحيح أنّ العلاقة بين باسيل وبري، وربما بين الأخير و”العهد” بصورة عامة، ليست في أفضل حالاتها، إلا أنّ علامات استفهام بالجملة طُرِحت حول “خلفيّات” الاشتباك المتجدّد بينهما، خصوصًا بعد تشكيل الحكومة، الذي يفترض أن يكون قد أسّس لمرحلة جديدة عنوانها “التعاون والتضامن”، ولا سيما بعدما باتت على أعتاب الانطلاقة الجدية، مع إنجازها البيان الوزاري الذي ستطلب ثقة مجلس النواب على أساسه.لكنّ المتابعين والعارفين “يفصلون” تمامًا بين الأمرين، فالسجال الإعلاميّ بين بري وباسيل، حتى لو تطوّر، لا يفترض أن “يشوّش” على أداء الحكومة أو برنامجها، ولو كانوا يعتقدون أنّه كان من المناسب الالتزام بـ”هدنة” بما يتناغم مع “مهلة السماح” للحكومة، خشية أن ينعكس أيّ توتر سياسي على أدائها، وهي التي تكفيها “التركة الثقيلة” التي ترثها من الحكومات السابقة، و”الرهانات الأثقل” الموضوعة على كاهلها من جانب معظم اللبنانيين.مع ذلك، لا يتوقّع هؤلاء أن يبقى الاشتباك “محصورًا”، إذ إنّ “الحركشة” التي حصلت لن تكون “معزولة”، بل إنّ الأسابيع المقبلة قد تكون حافلة بمناخ “متشنّج”، وفق قاعدة “إنّها الانتخابات يا عزيزي”، لا سيما بعدما تعهّدت الحكومة بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، أي في غضون ثمانية أشهر، وهو يفترض من الجميع “التكشير عن أنيابهم”، والكشف عن “الأسلحة الانتخابية” التي يمتلكونها، والتي يبدون بأمسّ الحاجة لها من أجل “شدّ العصب”.تفترض الانتخابات المُنتظَرة إذًا جوًا متشنّجًا. قد يكون ذلك صحيحًا، باعتبار أنّ السجالات هي “وقود” الانتخابات، و”السلاح الأمثل” للحشد والتعبئة. لكنّ هذه “الفرضية” تسقط، بلا شكّ، في زمن “الظروف الاستثنائية” التي تعيشها البلاد، ظروف قد تتطلب من الجميع، أقلّه في الأسابيع القليلة المقبلة، التركيز على دعم الحكومة بكل السبل المُتاحة، لعلّها تنجح في تخفيف حدّة المأزق، وإخراج اللبنانيين على الأقلّ من دائرة “جهنّم”، وهذا أضعف الإيمان!.