“ثلث رصين” قد يعدّل الموازين

17 سبتمبر 2021

في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثالثة ” ثلث رصين” اليه يمكن أن نستكين. هو ثلث زائد أكثر من واحد لا ينقصه التعبير اللغوي المباشر، ويعرف تمام المعرفة مقاربة الملفات المتعلقة بوزارته حتى قبل أن تطأ قدماه أرضها.
حُكي الكثير خلال أسبوع مراسم التسليم والتسلّم بين السلف والخلف في كل الوزارات، عبر مواقع التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام، عن “هفوات سوريالية” ارتكبها بعض الوزراء تراوحت بين الحديث عن “ضفدعة” وزير الإقتصاد الطرشاء وعصفور تاسو الذي أطلق سراحه وزير العمل تفادياً للحريق، ما أمّن لرواد مواقع التواصل وللصحافيين مواد دسمة تراوحت بين التهكّم والتنمّر، وكانت كافية لملء صفحات المواقع ومقدمات نشرات الأخبار وعناوين ما تبقى من صحف ورقية بالمواد الدسمة.
لكن مهلاً يا سادة، فمبدأ التعميم لا يجوز، وبغض النظر عن سير الوزراء الذاتية  التي تؤشر قراءتها الى كفاءة مهنية في المجالات التي تمرسوا بها، هناك وزراء اعتصموا بحبل الصمت أمام وسائل الإعلام، مصرحين “بلزوم ما يلزم” من دون زيادة ولا نقصان، بعيداً عن نصوص الأطفال في كتب القراءة المدرسية وحكايات كليلة ودمنة.
فمثالاً لا حصراً، فان السيرة الذاتية للمرأة الوحيدة في الحكومة الميقاتية السفيرة نجلا الرياشي عساكر تنمّ عن تميّز ودبلوماسية قد يتجلّيان في مفاصل عملها في وزارة التنمية الإدارية، هي الدبلوماسية المخضرمة التي تولت مناصب عدة في الداخل والخارج والحائزة على أوسمة دولية. الوزيرة الرياشي لم تطلق عنان التصريحات مكتفية بالقول أن “وضع لبنان الصعب يحتاج عملاً دؤوباً ووحدة الوزراء وتكافلهم للخروج من المآسي التي نعيشها وأن كلمة الرئيس ميقاتي كانت في مكانها وهي تختصر وجع الشعب”.
 وزير الدفاع الوطني العميد المتقاعد موريس سليم تسلّم بمناقبية اشتهر بها على مدى أربعين عاماً من الخدمة في المؤسسة العسكرية، الوزارة من وزيرة الدفاع السابقة زينة عكر، متسلحاً ب profile الرجل الهادىء غير الصدامي أو المساكش والذي يحظى بالاحترام ضمن السلك العسكري.
بروفيل وزير العدل الجديد هنري الخوري لا تنقصه سمة الرصانة والهدوء اللذين ظهرا جلياً خلال تسلّمه مهام وزارته، فهو “إبن العدلية” على ما قال في أول إطلالة إعلامية له، خَبِر خلال سنين طويلة قبل تقاعده منذ مدة غير بعيدة مفاصل العمل في القضائين العدلي والإداري، ويعرف شؤون وشجون الوزارة والعدليات بكل تفاصيلها الإدارية واللوجستية، تفاصيل يمكن وصفها بالكارثية لما آلت اليه تحديداً قصور العدل في بيروت والمحافظات.
وزير الصحة العامة ورئيس مجلس إدارة مستشفى رفيق الحريري الجامعي منذ العام ٢٠١٥ الدكتور فراس الأبيض تجلّت مناقبيته ومقاربته لموضوع الصحة التي ” هي حق”، على ما كتب في أول تغريدة بعد تعيينه،  “والمسؤولية وقت الأزمات أمانة يُسأل عنها أحدنا دنيا وآخرة”، وهو الذي اختبر بنجاح التعامل مع أزمة وباء الكورونا الذي تفشّى في العالم كله، فكان في مقدّم الصفوف الأمامية front line للطواقم الطبية والتمريضية البيضاء.
هذا غيض من فيض سنعود اليه لاحقاً، فبعض ما سمعناه على مدار هذا الأسبوع من خطابات مستجدة على ساحة السياسة اللبنانية يحتّم علينا التذكر بأن الوقت داهم والمسؤوليات جسام والوضع لا يحتمل المزيد من التصريحات “الكارثية”.وللبحث صلة.