بانتظار جلسة البرلمان.. هل حصلت الحكومة على “ثقة” الشعب؟!

17 سبتمبر 2021
بانتظار جلسة البرلمان.. هل حصلت الحكومة على “ثقة” الشعب؟!

كتب المحرر السياسي: قد تكون من المرّات القليلة، وربما النادرة، التي يتفاءل فيها الناس بحكومةٍ جديدة. قد لا يكون “السرّ” في طبيعة هذه الحكومة، ولا حتى في المؤشّرات المشجّعة التي أطلقت من خلالها مسار عملها، بوتيرة وُصِفت بالقياسيّة، ولكن بكلّ بساطة، بضيق الحال الذي يدفع اللبنانيين إلى التمسّك بأيّ “قشّة” قد تحمل لهم “الخلاص”، مهما كان الاحتمال ضئيلاً.

هو الواقع الصعب يخيّم على الحكومة منذ ما قبل بدء عملها رسميًا، علمًا أنّ الكثير من الناس والمواطنين بدأوا سلفًا يطالبونها بخطوات جدّية وملموسة، رغم أنّه لم يمرّ أسبوع على تشكيلها، ولم تحصل على ثقة مجلس النواب أصلاً لتباشر “ورشة الإنقاذ” المطلوبة، وفق ما ينصّ عليه الدستور، حتى في ظروف استثنائيّة كما هو الحال اليوم.وبانتظار مثول حكومة “معًا للإنقاذ” أمام البرلمان مطلع الأسبوع المقبل طلبًا لثقة النواب، ثمّة أسئلة مشروعة تُطرَح، فهل تحصل الحكومة على “ثقة” الشعب الذي فقد “ثقته” أصلاً بالكثير من أركان المنظومة، وفي مقدّمهم نوابه وممثلوه؟ وهل ستكون على قدر الطموحات والتوقعات، أم أنّ العوائق والألغام المزروعة في طريقها ستكون “أقوى” منها؟

“تفاؤل” قلّ نظيرهلا شكّ أنّ انطباعات الناس متفاوتة بشأن الحكومة. ثمّة من يقلّل من شأنها، ويرى فيها “استنساخًا” لحكومات متعاقبة سابقة لم تنجز شيئًا، بل أكثر من ذلك، أوصلت البلاد إلى “الانهيار”. وثمّة من يعتبر أنّ لديها الكثير من الكفاءات والمقوّمات، ولكنّها ستلتحق على الأرجح بنادي “ما خلّونا”، لا سيّما وأنّ عمرها قصير، ومهمّتها قد تكون محدودة.لكن، بين هذا وذاك، ثمّة “تفاؤل” قلّ نظيره يُسجَّل في أوساط الناس. لعلّ من أسبابه “التباشير” التي أتت بها الحكومة، مع الانخفاض “التلقائي” لسعر صرف الدولار، الذي لا يزال حتى اليوم يسجّل معدّلات قياسيّة، بل إنّ هناك من يرجّح تواصل انخفاضه في اليومين المقبلين، تزامنًا مع حصول الحكومة على الثقة، اللهم إلا إذا طرأ طارئ وقلب كلّ المعطيات.وإذا كان الخبراء يحذرون من أنّ هذا الانخفاض قد يُستتبَع بارتفاع موازٍ عند أول “مطبّ”، وبينهم من يتحدّث عن “فخّ” لإخراج الدولارات المخزّنة “لليوم الأسود”، فإنّ الأكيد أنّ الناس تريد أن تتفاءل، وهي ترى في الحكومة الحاليّة، رغم أنّها قد لا تكون مثالية كما قال رئيسها نفسه، “فرصة” حقيقيّة وجوهريّة للتغيير، لا يمكن أن تفوَّت. “الثقة” غير مضمونة؟لا يعني ذلك أنّ الناس أعطوا الحكومة “ثقتهم” سلفًا، أو أنّ هذه “الثقة” قد تكون مضمونة، شأنها شأن “ثقة” الكتل النيابية الأساسية، التي لم تمنحها سوى بعد أن ضمنت “حصّة”، ولو غير مباشرة، مكرّسة طريقة تقليديّة في الحكم، قائمة على “المحاصصة” بالدرجة الأولى، يريد بعض القيّمين على الحكومة تغييرها، ولو بالحدّ الأدنى المُتاح.لن تعطي الناس ثقتها للحكومة، إلا بعد أن ترى بأمّ العين أنّ “الاندفاعية” التي انطلقت بها في أيامها الأولى، والتي تجلّت بإنجاز بيانها الوزاري في ثلاثة أيام ليس إلا، وتجاوز كلّ الخلافات والسجالات، ستصمد وتستمرّ في القادم من الأيام، وبالتحديد عندما يبدأ النقاش الجدّي بالخطوات الضرورية واللازمة للخروج من النفق، والتي يخشى كثيرون أنّها لا تزال محطّ خلاف وانقسام بين مكوّنات الحكومة، “المتناقضة” في الكثير من الجوانب.لا شكّ، استنادًا إلى ما تقدّم، أنّ الناس تريد أن “تثق” بالحكومة، وتريد أن تمنحها “الفرصة”، وهو ما يفسّر مثلاً غياب الحدّ الأدنى من التحركات الاحتجاجية الذي رافق تشكيل الحكومات السابقة، لكنّ ثقتها لن تكون “عالعمياني”، بل على أداءٍ تريده مختلفًا ومغايرًا، بما يؤسّس للإنقاذ، ولو بالحدّ الأدنى، خصوصًا أنّ المبالغة برفع سقف التوقعات، كما يدرك القاصي والداني، قد يكون مفعولها “عكسيًا”، وهنا الخطورة الفعلية.قال الرئيس نجيب ميقاتي إنّ حكومته قد لا تكون كاملة أو مثاليّة، لكنّه قال أيضًا إنّه يريدها أن تنجح، وإنّها، رغم كلّ شيء، مؤلّفة من فريق عمل متجانس ومتضامن. حتى اليوم أثبت الرئيس ميقاتي أنّه قادر على العبور بين “الألغام”، بتجاوزه كلّ “الألغام”، وبينها ما هو هامشيّ أصلاً. لكنّ الطريق لا تزال طويلة ووعِرة، والمطلوب “تعاون” الجميع لإنجاح الحكومة، فهل مثل هذه الإرادة متوافرة؟