تسويات “التربية”.. على حساب من؟

20 سبتمبر 2021
تسويات “التربية”.. على حساب من؟

كتبت “الأخبار”: في حلقة تلفزيونية جمعت وزير التربية عباس الحلبي ومعنيين بالملف التربوي وممثلين نقابيين وأهاليَ، كان الحلبي مستمعاً في أغلب الوقت. لكنه، في سياق الحلقة، أفصح عن استراتيجيته ونيته المباشرة بالحوار مع الأطراف لتكوين ملفات وأخذ التدابير المناسبة. استراتيجية قائمة على نقطتين، الأولى قوله إن «أسباب الأزمة التربوية مالية»، من دون أن يوضح ما إذا كان المقصود تحديداً هذا العام أم السنوات الأخيرة، وكيف استنتج ذلك. والثانية قوله إن «لبنان قائم على التسويات، ولا بد أن نصل إلى تسوية تُرضي جميع الأطراف. 

بالعودة قليلاً إلى الوراء، يمكن أن نتبين أن «سياسة التسويات» لم تكن مُجدية، بل مؤذية للمعلمين والأهالي، بدليل أنه عندما قرّرت الحكومة عام 1998 وقف التوظيف في القطاع العام، لم يتم توظيف مدرسين في ملاك الدولة إلا قلّة ضمن تسويات سياسية وانتخابية، وسلكت الدولة طريق التعاقد (غير القانوني) لسدّ الثغرات حتى صار عدد المتعاقدين يضاهي أساتذة الملاك (المتعاقد يقبض بدلاً على ساعة التعليم الفعلي، من دون ضمان صحي، ولا بدل نقل، ولا تعويض، ولا 12 شهراً، ولا استقرار وظيفيّاً، وغالباً ما يكون خاضعاً لمزاجية المدير والتبعية السياسية).وحين صدر قانون سلسلة الرتب والرواتب، لم يتقاضَ معظم المعلمين في التعليم الخاص الدرجات الست بينما كان الأهالي منذ عام 2012 يدفعون ما سُمي «سلفة على أيّ زيادة مرتقبة» أضيفت إلى موازنات المدارس، وبالتالي إلى الأقساط. ولما اعترض الأهالي على الزيادات المبالغ فيها، جرى تجاهل مطلبهم من المراجع الرسمية في التعليم الخاص والمديرية العامة للتربية والوزير آنذاك. تراكمت المبالغ حتى عام 2018 في صناديق غير قانونية وتبخّرت عند إقرار السلسلة ولم يقبض المعلمون/ات حقوقهم التي سدّدها الأهالي بسبب التسويات التي قادتها الوزارة آنذاك لإرضاء المدارس، وليس لاستعادة حقوق الأهالي.

وفي كل مرة كانت التسوية تأتي على حساب المعلمين والأهالي، وليس على حساب المؤسسات التربوية التي ازدهرت أعمالها، إذ تأسّست أكثر من 112 مدرسة خاصة خلال 6 سنوات (بين عامَي 2011 و2017)، وتوسّعت لتجتاح التعليم العالي وتبني جامعات.سياسة التسويات نفسها جعلت التعليم الرسمي يتراجع نتيجة غياب التفتيش والمحسوبيات والتسويات السياسية في التعيينات والتوظيفات، وفرّغت المركز التربوي من الكفاءات، وبرّرت اختفاء الهبات وسرقة الأموال المخصّصة للتربية أو هدرها. وبفضل هذه السياسة، جرت الاستعانة بمستشارين وهميين، ومارست لجنة التربية النيابية ضغوطاً لعدم إقرار القوانين الناظمة والمتقدمة لتحسين الأداء التعليمي.