كتبت” نداء الوطن”: اذا كان قطوع التكليف والتأليف والثقة مرّ هيّنا يسيراً على ميقاتي، فإنّ التحديات التي بدأ باكراً يواجهها على المستوى السيادي لا تقل وزناً وأهميةً عن تلك التي تنتظره على المستويات المالية والاقتصادية والمعيشية، إذ بدت حكومته في الأيام الأولى من عمرها محاصرة بين كمّاشة صراع نفطي محتدم على أنقاض السيادة اللبنانية، حتى بدأت تتخبط باكراً في مستنقع يتجاذبها بين ضفتين متناقضتين براً وبحراً، لتجد نفسها أمام معادلة “إيران من أمامك وإسرائيل من ورائك”، فكانت النتيجة مزيداً من التضعضع في موقف الحكومة الوليدة، سواءً من خلال ما عكسته تصريحات رئيسها عن “الحزن” لانتهاك الصهاريج الإيرانية السيادة الوطنية، ومسارعة مصادره أمس إلى دحض أي شبهة تحوم حول ضلوع حكومته في طلب استقدام النفط الإيراني، أو عبر الاعتراض “الاستعراضي” لدى الأمم المتحدة على أعمال تنقيب إسرائيلية في منطقة بحرية، كانت قد أكدت حكومة ميقاتي نفسه في العام 2011 أنها منطقة غير متنازع عليها بموجب المرسوم 6433 الذي أرسلته حينها إلى الأمم المتحدة، وحددت من خلاله حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية.
وتوضح مصادر مواكبة للملف أنّ هذا المرسوم كان قد التزم إحداثيات الخط 23 في خرائط الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية بينما أعمال الحفر التي أعلنت شركة Halliburton عزمها المباشرة بها، بالاستناد إلى العقد الموقع بينها وبين السلطات الإسرائيلية إنما تقع “إلى الجنوب من هذا الخط، ما يعني أنّ لبنان لا يملك حق الاعتراض عليها طالما أنه لم يعدل مرسوم حدوده البحرية إلى مستوى إحداثيات الخط 29 وإيداعه في سجلات الأمم المتحدة”، مذكرةً بأنّ “حفلة المزايدات والمناكفات التي دارت بين أركان السلطة إثر إبرام اتفاق الاطار مع الأميركيين حيال المفاوضات الحدودية، ساهمت في تضييع حقوق لبنان في ثرواته النفطية، ومنحت الغطاء للأعمال الإسرائيلية خارج نطاق الخط 23، لا سيما وأنّ تعديل المرسوم الساري لا يزال محتجزاً في أدراج قصر بعبدا وينتظر توقيع رئيس الجمهورية عليه لإرساله إلى الأمم المتحدة تأكيداً على إحداثيات الخط 29 لحدود لبنان الجنوبية، بشكل يجعل عندها المنطقة التي يجري التنقيب الإسرائيلي فيها منطقة متنازع عليها عملياً وليس نظرياً”.