لا يرجح أن تشهد جلسة مجلس النواب اليوم والمخصصة لمناقشة البيان الوزاري ومنح الثقة للحكومة مفاجآت من خارج المتوقع، إذ أن الكتل التي ستمنح الحكومة الثقة باتت معروفة مع انضمام “تكتل لبنان القوي” اليها، وحدها كتلة القوات اللبنانية التي ستقدم عبر نوابها خطابا شعبويا عزمت رسميا عدم إعطاء الثقة، وهذا أمر متوقع. وبالتالي فإن الاصوات التي ستعطي الحكومة الثقة سوف تتجاوز ال 90صوتا.
ومع ذلك ثمة اسئلة مشروعة حيال تغيب رئيس تيار المستقبل سعد الحريري والرئيس تمام سلام عن الجلسة، فبمعزل عن ان الكتلة الزرقاء سوف تمنح الحكومة الثقة ، وبيان دعم رئيس الحكومة الذي اصدره الرئيس تمام سلام، لكن غياب رئيسين سابقين للحكومة حمل تفسيرات وتأويلات مختلفة، خاصة في ضوء التحليلات التي راجت في الايام الماضية عن تحفظات معينة لدى نادي رؤساء الحكومات السابقين في شأن المسار الحكومي العام، مع الإشارة إلى أن سياسة الرئيس ميقاتي مبنية منذ اليوم الأول لتكليفه على الانفتاح على جميع القوى من دون التسليم بأية شروط أو مطالب تعارض الدستور واتفاق الطائف، بيد أن لرؤساء الحكومات السابقين، وفق التحليلات، قراءة مختلفة تقوم على عدم التساهل مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون واعتماد التصعيد وسيلة لتحقيق المستوى.
ان الكلمات لن تناقش البيان الوزاري بقدر ما ستتحدث عن أولويات المرحلة وخطورة الآثار المترتبة على الأزمة وضرورة الإسراع في وضع خطط التعافي الشاملة وعدم الاكتفاء بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي والاسراع في اصدار البطاقة التمويلية ، لكن الكلمات أيضا سوف تظهر النقاط الخلفية بين تيار المستقبل والتحرير والتنمية والمردة من جهة وتكتل لبنان القوي من جهة اخرى، مثل الموقف من التدقيق الجنائي ومحاسبة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والاستدعاءات والاتهامات التي يصدرها المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في قضية انفجار مرفأ بيروت، خاصة وان المعلومات تشير إلى توجه المدعى عليهم في قضية انفجار للمرفأ إلى رفع دعوى ارتياب مشروع ضد القاضي البيطار في الساعات المقبلة، كل ذلك بالإضافة إلى الموقف من النقاط الأساسية التي ستقوم عليها خطة التعافي المالي والاقتصادي مثل الحاجة إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتوزيع أعباء الحل، علما أن البيان الوزاري أشار الى تكليف مصرف لبنان بوضع خطة لإصلاح القطاع المصرفي وإعادة هيكلته حيث يلزم.
الكلمات التي سوف تقتصر على كلمة واحدة لكل كتلة نيابية سوف تكون بمثابة دفع للحكومة على إحداث التغيير المنشود وفق مهلة محددة او ما يعرف عليه بفترة سماح من جهة، ومن جهة اخرى سوف تتضمن هجوما على حزب الله لجهة انتهاك سيادة لبنان عبر المازوت الإيراني الذي وصل لبنان بالصواريخ عبر سوريا، علما أن حزب القوات يخشى، وفق مصادر مطلعة، أن يساهم الوقود الإيراني في تعويم التيار الوطني الحر في الشارع المسيحي بعدما تراجعت شعبيه منذ ما بعد 17 تشرين 2019، وهذا يؤشر إلى أن الكلمات ستكون اشبه بالحملات الانتخابية طالما أن الجلسة تنقل على الهواء مباشرة.إن جلسة الثقة اليوم التي سوف تمر بسلام رغم التضارب في المواقف والمصالح بين الكتل النيابية، سوف تنتهي إلى إعلان انطلاقة حكومة الرئيس ميقاتي بورشة عمل واجتماعات مكثفة بهدف التوصل إلى اتخاذ قرارات تحد من الانهيار وتكون مقدمة للتواصل مع المنظمات المالية الدولية لمساعدة لبنان، لكن القلق يكمن في منح بعض الأحزاب الثقة للحكومة، بالتوازي مع وضع هؤلاء العصي في دواليب عملها في سياق لعبة تصفية الحسابات بين بعضهم البعض. يبقى الأكيد وفق مصادر مطلعة ل “لبنان 24” أن حكومة “معا للانقاذ” سوف تعمل وفق توجه رئيسها الذي يحظى بضمانات خارجية بدعم لبنان، لجهة عدم الانغماس في أي تجاذبات محلية أو خارجية من شأنها أن تعطل التفاوض مع المجتمع الدولي وتعيق إنتاجية الحكومة التي لن تكون طريقها مفروشة بالزهور أمام هول الأزمات المالية والاقتصادية، وبالتالي الانصراف سريعا إلى معالجة ازمتي الكهرباء والمحروقات والتحضير للانتخابات النيابية المقبلة التي تشكل مطلبا غربية وأوروبا ودوليا من أجل التأسيس لمرحلة جديدة في لبنان، أكثر مما هي مطلبا محليا في ظل التعقيدات الراهنة والخلافات المستعصية حول القانون الانتخابي النافذ.
