كتبت” النهار”: القلة القليلة من اللبنانيين التي أتاحت لها إمكانات الحصول على التغذية الكهربائية متابعة جلسة مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي ونيلها في نهايتها ثقة نيابية كان يتوقع ان تكون أكبر مما نالته، يجب ان تكون قد تيقّنت مع المراقبين والمعنيين السياسيين، بأن مساراً شاقاً للغاية لهذه الحكومة بدأ مع الثقة، وكان ثمة الكثير من مؤشراته في مجريات الجلسة نفسها. اذ ان العينة الساخرة الأولية التي طبعت هذه الجلسة تمثلت في التأخير الذي طرأ على موعد انعقادها لفترة تجاوزت الساعة مع انقطاع المازوت والعطل الذي طرأ على المولد بما شكل تماهياً حياً في مسرح الاونيسكو مع بيوت اللبنانيين في كل المناطق تحت وطأة ازمة المحروقات والطاقة الخانقة. ثم ان الحكومة التي قطعت عهوداً والتزامات على نفسها توازي عملية انقاذية هائلة للبنان من أزماته الكارثية وفي مقدمها الازمات الأشد إلحاحاً كأزمات المحروقات والكهرباء والدواء والاستشفاء، ومن ثم الازمة المالية والاقتصادية، سرعان ما ذكرتها جلسة الثقة بأن تنفيذ الحد الأدنى من هذه الالتزامات والتعهدات يحتاج إلى فريق عمل متجانس ومتفق على استراتيجية انقاذية وليس مجموعة ممثلين للقوى السياسية تتأثر بتناقضاتهم المتفجرة ومعاركهم السياسية وأجنداتهم الخاصة. هذا البعد السلبي قفز بقوة أمس إلى المشهد الحكومي والنيابي حين قرر ممثل العهد ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ان يوظف “جميله” على الحكومة بمنحها الثقة ويستثمره في حملة هجومية اتهامية على خصومه، وكذلك على النواب بالجملة وحاكمية مصرف لبنان موجهاً إليهم التُهم بتهريب الأموال إلى الخارج منزهاً فريقه فقط وجاعلاً منه وحده امرأة القيصر. وإذا كان باسيل أشعل في وجهه ردوداً عنيفة كهربت الجلسة، فان السجالات الحادة الأخرى التي جرت في الجلسة المسائية بين نواب من “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية” من جهة و”حزب الله، من جهة أخرى حول مسائل سيادية حارة كالنفط الإيراني والتنقيب الإسرائيلي عن النفط، شكلت النصف الاخر من الرسم السياسي المعقد الذي تجتازه البلاد والذي يتصاعد تباعاً في رحلة العبور الشاق نحو الانتخابات النيابية. ولذا لم يكن نيل الثقة المحسومة أصلا الحدث البارز مقدار ما بدت الجلسة انعكاساً مصغراً لما ينتظر الحكومة من تحديات وافخاخ من داخلها وخارجها سواء بسواء.