يقول بعض المتابعين للشأن السياسي اللبناني ان التسوية الحكومية الحالية وبالرغم من اهميتها على صعيد وقف الانهيار وبدء مسار اعادة علاقات لبنان العربية والغربية، غير انها ليست تسوية نهائية او كاملة يمكن ان تبدأ بعدها مرحلة استقرار حقيقية.
يجزم هؤلاء بحصول فراغ رئاسي، سواء حصلت الانتخابات النيابية ام لم تحصل، وهذا الفراغ سيكون مقدمة جدية للوصول الى التسوية العميقة التي ستكون مدخلا لاعادة الاستقرار السياسي المفقود منذ سنوات طويلة.لا يمكن النظر للانتخابات النيابية المقبلة الا بكونها محاولة من كل الاطراف لتحسين شروطهم التفاوضية في حال ذهب الجميع، وبتوافق اقليمي ودولي ، الى حوار جدي حول صيغة لبنان الدستورية، او ما يصطلح على تسميته النظام.
سيسعى “حزب الله” الى تكريس اكثريته على اعتبار ان فوزه في الانتخابات يعني انه سيبقى الطرف الاقوى ليس في البلد فقط انما في الدولة والمؤسسات وسيفاوض على هذا الاساس، في المقابل فإن خسارته للاكثرية ستعني انه قد يفاوض وحليفه المسيحي تحديدا من موقع اكثر ضعفا.من الواضح ان الجميع مقتنع بضرورة البحث بعمق في اصل المشكلة، وحتى ان لم يكن هناك توافق جدي على فكرة تغيير النظام او تعديله يمكن الوصول بين القوى السياسية لفكرة اخرى مقبولة هي اصلاح النظام.بعد تصريح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال زيارته لبيروت والذي اعلن فيه انه يجب البحث عن عقد سياسي واجتماعي جديد، تراجعت باريس عن تبنيها لهذا الطرح كي لا تغضب السعودية التي تحتاج اليها في اي تسوية سياسية في البلد.هذا التراجع الفرنسي يوازيه حرص من حزب الله على عدم الخوض في اي طرح او نقاش يستفز اي مكون لبناني، وبالتالي قد يكون البلد ذاهبا الى تسوية وسطية بين كل الاطراف تقوم على تكريس اتفاق الطائف مع ادخال بعض التعديلات عليه، وهذا ما قد يتقبله الجميع.اذا، ينتظر كثر الفراغ الرئاسي المتوقع في حال لم يحصل اي انقلاب هائل، غير متوقع، في موازين القوى الانتخابية، كي يبدأ البحث عن تسوية كبرى للساحة اللبنانية سيكون عندها الواقع الدولي والاقليمي مناسبا اكثر لها.