كتبت “الأخبار”: في جيوب الفقر اللبنانية، يغادر 30 في المئة من الطلاب اللبنانيين المدرسة، ويستمر 70 في المئة في التحصيل العلمي، بما ينسجم مع ثقافة الأسرة اللبنانية التي تمسّكت تاريخياً بتعليم الأبناء تحقيقاً لحراك مهني اجتماعي.
غير أن دراسة ميدانية قامت بها الهيئة اللبنانية للعلوم التربوية، بالشراكة مع «معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية» في الجامعة الأميركية في بيروت بعنوان «فقر التعليم وعنف الجو المدرسي» تشير إلى ضعف الرأسمال الثقافي لدى الطلاب رغم استمرارهم في المدرسة، مضافاً إلى أن ثقافة المدرسة في البيئات المهمّشة تقليدية في الغالب، وهذا لا يحقق لهم الحراك الاجتماعي المرتجى.
الشباب المشاركون وصفوا المستوى التعليمي في مدارسهم بالسيئ، وأفاضوا في الحديث عن «قلة كفاءة بعض المعلمين، فهؤلاء يعلمون أكثر من مادة ولا يعرفون الكثير عن كلٍّ منها، ويغلّبون مصلحتهم المادية في أكثر الأحيان». قلة من الطلاب كوّنوا صورة إيجابية عن حياتهم المدرسية تجلّت بدعم المعلمين وبناء صداقات معهم.
في مدارس المخيمات الفلسطينية، ترك 46 في المئة من الشباب الفلسطيني الذين شاركوا في الدراسة المدرسة مقابل 54 في المئة ما زالوا يتابعونها. الإدارات تعزو هشاشة التعليم إلى الأعداد الكبيرة في الصفوف وتهالك الأبنية في المخيمات، فيما يتحدث الطلاب عن غياب الأخلاق المهنية لدى المعلمين، والتمييز في الأنشطة الترفيهية واستبعاد «الطلاب الضعاف». ويرى بعض المعلمين أن الفصائل الفلسطينية تقدم نفسها سلطة بديلة وتفرض فرصاً مضادة لثقافة المدرسة وبيئة مثالية للتمرد والاحتجاج والانخراط في التحركات الاجتماعية والسياسية، مقابل تراجع المستوى التعليمي في مدارس «أونروا».
في المدارس السورية في لبنان، لا حوافز ولا إغراءات للطلاب كوجود مواد إجرائية (فنون، مسرح، رياضة) ونشاطات ترفيهية محفزة تعزز ثقة الطلاب بأنفسهم، والسبب من وجهة نظر الأساتذة دوام التعلم بعد الظهر. كما أن الأنشطة الخارجية تحتاج إلى موافقة من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. علماً بأن دوام التعلم المسائي اضطر الكثير من الطلاب لترك المدرسة، إذ يقول أحدهم: «لا توجد دراسة، نذهب ونعود بلا فائدة، والدوام المسائي يسبّب لنا الاكتئاب». في مدارس تعليم السوريين تكرّر ذكر الطلاب لتعرضهم للتعنيف والضرب بذريعة أنهم لا يفهمون المنهاج، بدلاً من التشجيع!
تخلص الأوراق إلى اعتبار التعليم في حالة طوارئ، وتطرح تساؤلات عدة بشأن الآليات التي ينبغي اعتمادها لدعم الشباب في مناطق التهميش والفقر وإعادة دمجهم في المسار الدراسي.