يشكّل موضوع الانتخابات النيابية احد أبرز المواضيع الخلافية على الساحة الداخلية اللبنانية، واحد الملفات المتفجرة التي تنتظر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
الحكومة في بيانها الوزاري التزمت إجراء الإنتخابات النيابيّة في موعدها كما وإجراء الانتخابات البلدية والإختيارية، تأكيدا منها على حُسن سير العملية الديموقراطيّة في لبنان، “وإيماناً منها بأنّ خطوة الإنقاذ الأساسيّة تبدأ في ترجمة إرادة الناخبين في إختيار مُمثليهم، تؤكّد الحكومة التزامها إجراء الإنتخابات النيابيّة في موعدها كما وإجراء الانتخابات البلدية والإختيارية على أن تُباشر وفور نيلها الثقة، بإتخاذ كُل الإجراءات التي ينصّ عليها القانون الذي يُنظّم عملية الإنتخاب لإتمامها بكُل نزاهة وشفافية وتوفير السُبل كافة لنجاحها.”
الاّ أن الحديث مستعر اليوم في موضوع الانتخابات على وقع الحديث في الكواليس عن امكانية اتجاه الدولة الى الغاء انتخاب المغتربين، أو حصرها بـ 6 مقاعد نيابية تضاف الى 128 مقعداً حالياً، تحت حجج عدة ابرزها عدم قدرة الدولة اللوجستية على اجراء هذه العملية.
وفي هذا الاطار، أشار رئيس منظمة “جوستيسيا للإنماء وحقوق الإنسان” المحامي بول مرقص الى ان اي الغاء للمقاعد الـ6 يتطلب تعديلاً جديداً للقانون كما أن هناك تعديلات تقنية ضرورية للقانون الانتخابي، وبالتالي هذه الاشكالية مردها الى ان المقاعد الـ6 هي في الشكل تعطي حقوقاً جوهرية لغير المقيمين لكنها بالفعل وفي الصميم تحرمهم من حقوق انتخابية فاعلة أخرى، كما انها تضرب مبدأ المساواة بين الناخبين، اذا إنها بتوزيعها تحد من تأثير المنتشرين على الدوائر الانتخابية الـ15 كما كان عليه الأمر عام 2018 حيث كانوا ينتخبون في السفارات ويطال تأثيرهم كل المقاعد في كل الدوائر.
ولفت مرقص في حديث لـ “لبنان 24” الى ان وجود هذا النص في القانون الانتخابي الحالي كان يمكن ان يبطل لو أنه طعن به أمام المجلس الدستوري، وتسنى لهذا المجلس أن يتصدى له عملاً باجتهاده المستقر منذ العام 1996 الذي اعتبر فيه أنه يجب أن يعطى الناخبون القيمة الاقتراعية ذاتها لأصواتهم، وبالتالي فان هذا النص يفتقد الى المعيارية ويضرب مبدأ المساواة. كما أنه لا يمكّن المرشحين من اجراء حملات انتخابية سوية فأكثر المرشحين، مما لا حظوة لهم، يتعذر عليهم اقامة حملات انتخابية في الخارج، في حين أن البعض من الطبقة السياسية معرض للعقوبات والمضايقات في بعض الدول، فيخشى المرشحون أن يقوموا بحملات انتخابية في هذا البلد او ذاك.
وتابع: يجب عند تعديل هذا النص محاذرة أن يتخذ وسيلة لارجاء العملية الانتخابية من جهة وللانتقاص من حقوق غير المقيمين، وبالتالي يجب العودة أقله الى الآلية التي كانت موجودة في العام 2018 مع تطويره وتمكين الناخبين من البلوغية، اي الوصول الى حقوق الانتخاب بسهولة، خصوصاً وان السفارات بعيدة عن أماكن وعناوين وعدد كبير من غير المنتشرين، هذا فضلاً عن ضرورة التنبه الى ضرورة اعطاء مهلة معقولة لهؤلاء قبل أن يصار الى تعديل حقوقهم الانتخابية المذكورة في القانون الحالي، أي اكثر تحديداً ، لديهم مهلة 20 تشرين الثاني المقبل، وهم معنيون بهذه المهلة، وبالتالي قبل هذه المهلة يجب الانكباب على تعديل القانون لاعطائهم مجالاً او مهلة كافية لكي يدركوا وفق اي قانون انتخابي سيقبلون، سواء اكانوا مرشحين أو ناخبين.
ولكن ماذا يقول الاغتراب اللبناني عن هذا القرار اذا ما تم اقراره؟ هذا السؤال حملناه الى رئيس مجلس العمل اللبناني في دبي والإمارات الشمالية شارل جحا، الذي أكد انه بالنسبة الى موضوع انتخاب 6 نواب في الخارج بحسب المادة 118 من قانون الانتخاب الأخير ، فالامر مرفوض كلياً أولاً لأنه يؤدي الى ابعاد المغتربين عن التأثير في الداخل، لأنهم يسعون الى حصر انتخاب المغتربين بـ 6 مقاعد والباقي متروك للبنان، وهذا ما يرفضه الاغتراب كونهم لبنانيين يمكن ان يؤثروا على مسار الانتخابات وعلى نتائجها، نظراً لرفضهم للسياسات المتبعة والتي اوصلت البلاد الى ما هي عليه اليوم. وبالتالي “نحن نسعى الى المشاركة في التغيير في البلاد وذلك لا يمكن أن يتم الاّ باعطاء الحق للمغتربين في انتخاب الـ 128 نائباً” واي امر عكس ذلك، فهو يوضع في اطار ابعاد تأثير الاغتراب عما يجري في الداخل، بحسب تعبير جحا.
ووضع جحا في حديث عبر “لبنان 24 “موضوع انتخاب 6 نواب بالخارج في إطار سعي السلطة الى نقل الخلاف اللبناني الى الخارج وهذا الأمر مرفوض أيضاً لأنه عندما نتتخب في السفارة اللبنانية، وهي ارض لبنانية، فهذا يؤدي الى فتح معركة انتخابية في الخارج ما يخلق مجالاً لنقل كل ما يحصل في لبنان الى قلب الاغتراب، مع ما يستتبع ذلك من عواقب ونتائج ليست في مصلحة المغتربين والاغتراب”.
وسأل هل ان الدول التي ينتشر فيها الاغتراب اللبناني سترضى بهذا الأمر؟ هذا الأمر مرفوض ولن يقبلوا به ، وبالتالي فان هذا الأمر سيؤثر سلباً على الوحدة الاغترابية.
وتابع: المطلوب اليوم ايقاف العمل بما اقر سابقاً لناحية اقترع المغتربين لـ 6 نواب في الخارج والعودة الى ما حصل في العام 2018 عبر الاقتراع لـ 128 نائباً.
واكد أن التغيير بنهضة البلاد بحاجة الى الاغتراب اللبناني لأن الاغتراب لديه مساحة من الحرية وتفكير نظيف وبالتالي علينا ان نترك المجال للاغتراب للتغيير في لبنان لأننا لم نعد نقبل بعد اليوم بهذا الوضع في البلاد.
وشدد على أن التذرع بالأمور اللوجستية لمنع الاقتراع الشامل لن يمر ، وعلى الدولة حل مشكلتها بعيدا عن اي الغاء، فالمطلوب اليوم المشاركة الكاملة في القرار في لبنان واختيار الاشخاص الذين نرى أنهم يجب ان يكونوا في مراكز القرار، ونحن نحذر من الوصول الى اجبار الاغتراب على اتخاذ قرارات صعبة ، مشيراً الى انه اذا اسقطت الدولة حقوق ابنائها المغتربين عليها أن تتوقع ايضا اسقاط المغتربين واجباتهم تجاهها .