يعيش اللبنانيون هذه الايام في اوضاع اقتصادية واجتماعية خانقة، ويتحملون شظف العيش نتيجة غياب سياسة اقتصادية واضحة لمواجهة الاحتكار وتنظيم عمل الاسواق في كافة القطاعات.هم توقعوا انخفاضا في الاسعار مع انخفاض سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث. البطاقة التمويلية التي تطلعوا اليها كحل مؤقت للأوضاع المعيشية الصعبة، لم تبصر النور بعد.
وهناك من يتحدث ان الطبقة السياسية تسعى إلى تحويلها إلى مادة للإستثمار في حملاتها في الانتخابات. كل هذه الهواجس والاسئلة حملناها للدكتورة ندى نعمة نائب رئيس “جمعية حماية المستهلك”، التي رأت” ان سياسة رفع الدعم لم تأت الا بنتائج كارثية على المستهلك.
فهي لم تؤد إلى الا إلى خلق سوق سوادء مخيفة وجشعة، كما ان رفع الدعم لم ينتظر القرار الرسمي لصدوره، فالمواطن ، ومنذ ان بدأت العملة الوطنية بالانهيار ، وهو يشتري حاجاته على سعر صرف السوق السوداء.ما اعطى فرصة كبيرة للتجار لجني ارباح اضافية كبيرة وغير مشروعة على حساب المستهلك.
اضافت في حديث مع ” لبنان 24″ ان انخفاض سعر الصرف في الاسبوعين الاخيرين “لم يؤد إلى انخفاض في الاسعار. فالتاجر اصلا كان يحتسب تسعيرته على سقوف عالية ولا يزال، واذا كانت الاسعار قد انخفضت فهي انخفضت بنسبة ضئيلة جدا، مما يعني انه لم يتغير شيئ بالنسبة للمواطنين، وخاصة اصحاب الدخل المحدود واكثريتهم الساحقة من العاملين في القطاع العام والسلك العسكري.فالاسعار لا تزال مرتفعة في حين انه كان يجب ان يؤدي انخفاض سعر الدولار إلى انخفاض الاسعار بنسبة 30% على الاقل”.
عدم انخفاض الاسعار تعزوه نائب رئيس جمعية حماية المستهلك بالدرجة الاولى إلى عدم وجود رقابة جدية على الاسعار من قبل المسؤولين المعنيين، وقالت “من طرفنا كجمعية حماية المستهلك قمنا ونقوم بإرسال مراقبين إلى التعاونيات لمراقبة تطور الاسعار، ومراقبوننا بدورهم يقومون برفع تقاريرهم إلى المسؤولين المعنيين في وزارة الاقتصاد،ولكن للاسف عندما لا يكون هناك دولة، فان الشكاوى تذهب ادراج الرياح”.
الارتفاع في الاسعار لا تعزوه الدكتور نعمة فقط إلى ارتفاع سعر الدولار، “فهناك ايضا سياسة الاحتكار وعدم وجود المنافسة وغياب الرقابة،كلها سيوف مسلطة على مداخيل المواطنيين،والتي اصبحت اثراً بعد عين”.
نعمة لا تتوقع” انخفاضا حقيقيا في الاسعار في ظل وجود كل هذه الاشكاليات التي تحيط بالمشهد المعيشي في لبنان”.
تضيف” هذه الاشكاليات لم يتحرك المسؤولون لمعالجتها منذ 30 عاما وحتى اليوم. فقانون المنافسة ومنع الاحتكار نائم في ادراج المجلس النيابي منذ حوالي سنتين، كذلك قانون الغاء الوكالات الحصرية ، ورغم الاحاديث عن ان هناك توجهاً لإلغائه فأن شيئا من هذا لم يتحقق”.وعن مشروع البطاقة التمويلية كحل مؤقت لأنقاذ المواطن من الوضع المعيشي الذي يعاني منه تقول :” اننا في جمعية حماية المستهلك كنا من اول المطالبين باصدار هذه البطاقة، وكان اقتراحنا منذ البداية بأنه يجب ان يذهب الدعم مباشرة إلى المواطن، لإنه بذلك تتعزز المنافسة ونقضي على الاحتكار ويتم تنظيم السوق”.وعن العوائق التي تمنع اصدار البطاقة تقول”مشروع البطاقة مطروح منذ اكثر من عام ، ولكن لا نتائج ملموسة حتى الان”. وتضيف: “هل يعقل انه حتى الان الدولة غير قادرة على اجراء مسح دقيق للعائلات ألاشد فقراَ في لبنان.مع العلم ان معظم الشعب اللبناني اصبح تحت خظ الفقر”.واكدت نعمة انه” منذ ان بدأت الازمة وحتى اليوم ،لم تتوقف جمعية حماية المستهلك عن المطالبة بخطة طوارئ اقتصادية، ولكن ما من مجيب.فالطبقة الحاكمة مصرة على الاستمرار بنفس السياسات.كما ان سياسة الدعم لم يستفد منها الا التجار والمصارف.”نعمة ترى ايضا ” ان الحل لا يكمن فقط في البطاقة التمويلية،بل بكسر الاحتكار وتنظيم قطاع المحروقات،والغاء الوكالات الحصرية.وتؤكد ايضاً، ان رفع الدعم لن تكون نتجيته ألا المزيد من التوسع للسوق السوداء،وازدياد ظاهرة تجارة المحروقات بالغالونات، وهي لا تبدي تفاؤلأ بقرب صدور البطاقة التمويلية”.في المقابل فان رئيس الحكومة مصر على ان تبصر البطاقة التمويلية النور وهو سيرأس اليوم اجتماعا وزاريا واداريا للبحث في المراحل التي قطعتها هذه العملية.