صندوق النقد الدولي: إجماعٌ سياسيٌّ ولكن…!

27 سبتمبر 2021
صندوق النقد الدولي: إجماعٌ سياسيٌّ ولكن…!

بدأت الخطوات العملية للحكومة الجديدة بعد الانتهاء من كل الترتيبات السياسية، ولعلّ الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الى فرنسا كانت خاتمة المبادرة السياسية التي أدّت الى التشكيل وفاتحة للمسار الإنقاذي للبنان الذي هو من أولويات الحكومة، لذلك بدا واضحاً التركيز على ملفّ صندوق النقد الدولي والمفاوضات معه من أجل إنجاح مهمّة الحكومة وإيصال البلاد الى برّ الأمان.
 
تقول مصادر مطلعة أن صندوق النقد الدولي يحظى بإجماع كل الاطراف السياسية دون استثناء ما من شأنه أن يُسهّل عمل الحكومة الى حدّ بعيد لكنّ هذا الإجماع يحصل على الصورة العامة للمفاوضات، غير أن التفاصيل قد تثير بعض الخلافات داخل مجلس الوزراء خصوصاً أن جميع القوى تتحضّر لخوض الانتخابات النيابية وسيكون حتماً لديها رغبة في التسويق لنفسها عبر رفض بعض القرارات التي تظهر وكأنها تضرّ بالمصالح الشعبية.
 
التوافقات الداخلية ليست وحدها الدافع وراء التشاور مع صندوق النقد الدولي بل أكثر من ذلك، إذ ثمة أجواء اقليمية واضحة تشير الى أن القوى الدولية تسعى الى تطبيق جدّي للإنقاذ وإنجاح حكومة ميقاتي، وهذا الجو العام أوحى بأن لبنان سيحظى ببعض التسهيلات التي ستعزز التجاوب  والوصول الى نتائج عملية سريعة.
 
لكن الازمة الفعلية ستظهر مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية ومع تركيز القوى السياسية في التحضيرات لهذه المعركة الكبرى، وبالتالي ستحكم الخطابات الشعبوية جزءاً أساسياً من المرحلة بهدف تحقيق الانتصارات المرجوّة، ومن هُنا فإن ثمة هواجس من حصول أي عرقلة داخل مجلس الوزراء خلال الاشهر القليلة المقبلة ما قد يؤدي الى تباطؤ الخطوات الانقاذية وعدم تحقيقها النتائج المتوقعة خلال فترة وجيزة.
 
في المحصلة، يبدو أن التعاطي مع صندوق النقد الدولي بات أمراً واقعاً تصالحت معه القوى السياسية بعد أن كان بعضها يعلن رفضه العلني له، حيث ان خطط الإنقاذ التي ستكون على جدول الحكومة وستبدأ بتفعيلها عملياً باتت تعتمد بشكل أساسي على صندوق النقد الذي تحققت بعض شروطه بشكل او بآخر حتى الآن.
 
فهل يكون الكسب الشعبي والانتخابي لبعض القوى السياسية أهم من إنقاذ البلد فتصبح العرقلة داخل مجلس الوزراء لمسار الإنقاذ وسيلة لتحسين الواقع السياسي قبل الاستحقاق الكبير؟