إنتخابات المغتربين… إختبار “معقد” يواجه الحكومة فهل تتجاوزه؟

29 سبتمبر 2021آخر تحديث :
إنتخابات المغتربين… إختبار “معقد” يواجه الحكومة فهل تتجاوزه؟

منذ أيام، يكثر الحديث في لبنان عن تصويت المغتربين في الانتخابات النيابية المقبلة، وسط تسريبات عن قرار متخذ بـ”تطيير” الاستحقاق عن بكرة أبيه، وحرمان المنتشرين في شتى أصقاع العالم من ممارسة حق اكتسبوه عن جدارة قبل سنوات، وذلك نتيجة التعقيدات القانونية واللوجستية، ولكن أيضًا السياسية المرتبطة به.
 
قد لا تكون التسريبات عن اتجاه لإلغاء تصويت المغتربين مجرد روايات مختلقة، أو حتى تكهنات، رغم إعلان الحكومة، ممثلة بالوزيرين المعنيين، أي وزيري الداخلية والخارجية، مباشرة الإجراءات اللازمة لضمان تطبيق نص القانون الانتخابي، لا سيما وأن المواعيد بدأت تضغط على أكثر من صعيد.
 
ولعل ما عزز من هذه الهواجس ما صدر عن نائب الأمين العام لحزب الله الذي كشف جهارًا عدم حماسة الحزب، بل ربما تحفظه ورفضه لتصويت المغتربين، وهو موقف يشاركه فيه حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري، في مقابل معارضة “شرسة” من “التيار الوطني الحر” الذي يخوض “معركة” على هذا المستوى.
 
هواجس وتحفظات
 
يتحدث المتوجسون عن سلسلة من الاعتبارات التقنية والسياسية التي قد تحول دون السماح للمغتربين بممارسة حقهم في الانتخاب الحر والنزيه، أولها منبثق من القانون الذي يستحدث ما يشبه الدائرة الجديدة الخاصة بالاغتراب، خلافًا للدورة السابقة يوم صوّت النواب للدوائر الأصلية التي ينتمون إليها في داخل لبنان، ولكن من مكان وجودهم، بدل الاضطرار للسفر إلى لبنان في حال الرغبة بالمشاركة في صنع القرار.
 
ومع أنها بدت للوهلة الأولى مثيرة للاستغراب والدهشة، إلا أن الإشكالية “الطائفية” التي ربطت بتوزيع نواب الاغتراب لا تبدو مجرد تفصيل هامشي، علمًا أن نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي كان أول من أبرزها، قبل أن يتلقفها الشيخ قاسم، وسط تساؤلات عن المعايير التي تتيح تصنيف هذه القارة لمذهب محدد وأخرى لمذهب ثان، على طريقة “ستة وستة مكرر” اللبنانية الشهيرة.
 
لا يعني ما تقدم أن انتخابات المغتربين تصبح مقبولة مثلاً في حال التوافق على تعديل قانون الانتخاب بما يتيح القفز فوق مقاعد الاغتراب لصالح تكرار تجربة 2018، إذ تحضر هنا الهواجس السياسية التي يجاهر بها البعض، وسط حديث عن انعدام المساواة وتكافؤ الفرص، فما تحظى به بعض الشخصيات والأحزاب في الخارج ليس متوافرًا لأحزاب أخرى تبقى حركتها مقيدة إلى حد بعيد.
 
عودة للخلف؟
 
قد يكون “حزب الله” تحديدًا أكثر مَنْ يشعر بهذا النقص، فرغم اقتناعه بأن مؤيديه منتشرون في دول الاغتراب، إلا أنه يرى أن معظمهم لن “يجرؤوا” على التصويت لصالحه خشية تعرضهم لإجراءات “انتقامية” قد تصل لحد ترحيلهم، علمًا أن ممثليه لن يحصلوا أيضًا على حرية الحركة للقيام بالحملات الانتخابية بفعل العقوبات المفروضة على الحزب في بعض الدول ومنها الولايات المتحدة.
لكن هذه “التبريرات” لا تبرر إسقاط حق المغتربين بالتصويت أينما وجدوا، وفق ما يؤكد الخبراء الانتخابيون والنشطاء الداعون لتطبيق إصلاحات انتخابية، وهم يرون أنه من غير الجائز التراجع اليوم إلى الخلف، عبر حرمان المغتربين من حق أساسي اكتسبوه بقوة القانون قبل سنوات، بدل تثبيته وتطويره كما كان يفترض أن يحصل خلال السنوات الأربع الماضية منذ الانتخابات الأخيرة.
 
وإذ يؤكد هؤلاء أن الوقت الفاصل عن موعد الانتخابات لا يزال كافيًا لتحصين هذا الحق، يعربون عن خشيتهم من أن يكون “المانع” الحقيقي سياسيًا، تمامًا كما يصر البعض على رفض فكرة الميغاسنتر والتصويت مكان السكن بما يسمح بتعزيز مستوى الزبائنية السياسية وبالتالي فرض الإشراف المباشر على التصويت، وهو ما يزيد من الضغوط والقيود على الناخبين.
 
ثمة من يستبشر خيرًا بالنقاش حول تصويت المغتربين والجدل القائم بشأنه، لأنه يعني أن الانتخابات وضعت فعليًا على النار، ترجمة لتعهد الحكومة إجراءها في موعدها أو قبله، ما يعني صرف النظر عن سيناريوهات تطيير الانتخابات. لكن ثمة في المقابل من يدعو إلى الحذر فالتجربة أثبتت أن لا شيء مضمونًا، وكل شيء يبقى واردًا حتى اللحظة الأخيرة!

المقالات والآراء المنشورة في الموقع والتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء أصحـابها أو بأسماء مستعـارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لموقع “بيروت نيوز” بل تمثل وجهة نظر كاتبها، و”الموقع” غير مسؤول ولا يتحمل تبعات ما يكتب فيه من مواضيع أو تعليقات ويتحمل الكاتب كافة المسؤوليات التي تنتج عن ذلك.