بات من الصحيح والجائز إطلاق تسمية “شعب النكبتين” على عموم اللبنانيين في الوطن وكل المهاجر القريبة والبعيدى، فبَين النكبة الأولى التي حلّت فوق رؤوس أهل العاصمة وسكانها يوم انفجرت نيترات الأمونيوم المخزّنة في العنبر رقم ١٢ بالمرفأ في الرابع من آب ٢٠٢٠، والنكبة الثانية التي حلّت يوم انفجر خزان البنزين الحارق في وجه أهل عكار، مدنيين وعسكريين، في مكان مموّه كموقع لمواد البناء ببلدة التليل في الخامس عشر من آب الماضي، فترة زمنية وجيزة لا تتعدى السنة وعشرة أيام، لكنها سنة حملت الكثير من الوجع والدمع لأهالي مئات الضحايا والمصابين وعموم اللبنانيين من هول النكبتين.
بعد ثمانية أيام من تطاير أشلاء الضحايا في مرفأ بيروت أرضاً وبحراً وأحواضاً، أحال مجلس الوزراء، بموجب مرسوم، الجريمة كونها تقع على أمن الدولة، على المجلس العدلي سنداً للمادة ٣٥٦ من أصول المحاكمات الجزائية، علماً أن صلاحيات هذا المجلس تشمل المدنيين والعسكريين على السواء.
ولأن جريمة انفجار خزّان الوقود في التليل تقع بتداعياتها الكارثية على أمن الدولة أيضاً، أحال مجلس الوزراء عصر أمس، في أول جلسة له بعد نيل الحكومة الثقة، الى المجلس نفسه، وهنا بيت القصيد، فعند حدوث الجريمة الأولى، كان هناك مجلس قضاء أعلى “كامل الأوصاف”
نسّق وتعاون، وإن بصعوبة، مع وزيرة العدل السابقة ماري كلود نجم لتعيين محققين عدليين على التوالي، فطار المحقق الأول بعد أربعة أشهر من تعيينه لارتياب في حياده، والمساعي على أشدها راهناً “لقبع” المحقق الثاني لارتياب في سياسته.
في مطلق الأحوال، قرار الحكومة بإحالة جريمة التليل الى المجلس العدلي أرخى جواً من الإرتياح لدى أهالي الضحايا ال ٣٢، وعشرات المصابين الموزعين على مستشفيات لبنان وتركيا والكويت والإمارات، لتبقى العبرة في اكتمال عضوية مجلس القضاء الأعلى ومدّ حبل المودة بين هذا المجلس رئيساً وأعضاء من جهة، ووزير العدل الجديد وهو قاضٍ زميل من جهة ثانية للتوافق على تعيين محقق عدلي لمتابعة التحقيقات في الملف التليل، لكن قبل كل شيء وأهم من كل شيء، يبقى على أولياء أمر السياسة والقضاء أن يهزّوا بيدٍ ثابتة ملف التشكيلات والمناقلات القضائية لتستفيق من سباتها العميق.
المصدر:
لبنان 24