حراكٌ بارز.. هل سينجح ماكرون في منح لبنان “الرضى” السعودي؟

30 سبتمبر 2021
حراكٌ بارز.. هل سينجح ماكرون في منح لبنان “الرضى” السعودي؟

تتجه الأنظار حالياً إلى التحرك الذي يقودُه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إذ أعلنت الرئاسة الفرنسية قبل يومين أنّ الأول سيُجري اتصالاً بالأخير للتباحث بقضايا عديدة من بينها الملف اللبناني.
وواقعياً، فإنّ المسعى الفرنسي الذي يقودهُ ماكرون يُعطي دلالة قوية وأكيدة مفادها أن فرنسا باتت عرّاب الحل في لبنان بناءً لتفويض أميركي كامل. ووسط كل ذلك، فإنّ فرنسا ما زالت تستشعر أهمية الدور السعودي بالنسبة للبنان، ولذلك أخذت على عاتقها بحث هذا الملف مع المملكة التي لم تبدِ حتى الآن أي موقف من الحكومة الجديدة.
وهنا، فإن الرسائل اللبنانية باتجاه الاليزيه كانت واضحة للتحرك على خط الرياض من أجل “الحلحلة” خصوصاً أن الأوضاع الدولية في المنطقة تأخذ منحى إيجابياً. ومن دون أدنى شك، فإن ما يقومُ به ماكرون اليوم، يتمّ ضمّه إلى المساعي التي أنقذت لبنان فعلاً، وفي حال تمكّن الرئيس الفرنسي من جذب السعودية إلى لبنان مجُدداً، فإنه سيكون قد كسر العزلة التي عاشها الأخير تماماً، واستطاع إعادته إلى قلب العالم العربي، وهذا ما يصبُو إليه الرئيس نجيب ميقاتي من خلال حكومته.
وفي السياق، ترى مصادر سياسية متابعة أنّ “ماكرون يعي أهمية رضى السعودية بشأن الملف اللبناني، باعتبار أن ذلك يفتح باب المساعدات العربية للبنان لوقف الانهيار”، مشيرة إلى أنّ “الجهود الفرنسية في لبنان ترتبطُ بأبعادٍ إقليمية أساسها منع انحياز بيروت إلى طهران، ولجم أي انحدار كبير في الوضع قد يشرّع أبواب لبنان أمام نفوذ تركي مُحتمل، وأيضاً جعل لبنان منصة جديدة لفرنسا من أجل الوصول إلى تسوية النفط بإشراف أميركي أساسي”.
هل سينجح ماكرون مع السعودية؟
وفي ظل هذا المشهد المُرتقب، فإن المسعى الذي يخوضه ماكرون مع بن سلمان لن يكونَ صعباً كما أنّه لن يكون سهلاً أيضاً، لأن السعودية تريدُ ضمانات من لبنان أولاً أساسها عدم استخدامه كمنصة ضد الدول العربية. وحتماً فإن التحدي أما لبنان يكمُن في تبني هذه الضمانات سياسياً وأمنياً، لكن الأكيد أيضاً هو أن المملكة لن تتخلى عن لبنان، وهناك تعويلٌ فرنسي على حكومة ميقاتي لإعادة خطوط الاتصال المباشرة بين بيروت والرياض.
وحتماً، فإن ما يتفق عليه ماكرون وبن سلمان اليوم هو سلسلة من الأمور لمنع انهياره كي لا يكون ساحة للنفوذ الإيراني أو التركي، تنفيذ الاصلاحات التي تضمن صرف الأموال والمساعدات في مكانها، تأسيس الأرضية ليكون لبنان منصّة نفطية مستقبلية. وبشكل مؤكد، فإن هذه المفاتيح ستكون أساسية في الحوار الفرنسي – السعودي، وعلى ضوئها سيكون التحضير للمراحل المقبلة.
وإلى جانب ذلك، فإنّ البعض يرى أن “حنكة” ماكرون ودور فرنسا وعلاقته الوطيدة ببن سلمان قد يساهمان في تنفيس الأجواء قليلاً، خصوصاً أن هناك تجربة عميقة سابقة ترتبطُ بلبنان في العام 2017، تاريخ الأزمة التي مرّ بها الرئيس سعد الحريري في السعودية. وفي ذلك الحين، استطاع الرئيس الفرنسي أن يُجنب لبنان حرباً طاحنة في حين أن التجاوب السعودي معه كان بارزاً.
ومع كل هذه المشهدية، فإن هناك من يعتبر أن مشكلة السعودية ليست مع لبنان ككل بل مع أطرافٍ فيه، في حين أنها تعي تماماً أن هناك تركيبة لا يمكن تجاوزها. وعليه، فإنّ المتوقع أن يقود ماكرون جهوده مع السعودية باتجاه العمل على تحييد الملفات العالقة جانباً، والعمل على كسر “الزعل” بين الرياض وبيروت، وانخراط السعودية في عملية وقف انهيار لبنان بشكل مباشر عبر مواقف إيجابية وداعمة. كذلك، فإن ماكرون لن يهمش مطالب السعودية، وسيعمل على نقلها إلى بيروت، لكن التركيز الأساس سيكون على وقف الانحدار في لبنان باعتبار أن ذلك يخدم العالم العربي بشكل كبير. وبناءً عليه، سيأخذ أجوبة واضحة من بن سلمان بشأن الوضع اللبناني وقد تكون هناك اتصالاتٌ سريعة عبر الخطوط الدبلوماسية لنقل الجواب إلى المسؤولين في لبنان، خصوصاً بعد حديث مؤخراً عن عدم وجود موفدين فرنسيين إلى لبنان في الوقت الراهن.