الانتخابات النيابية حسمت.. ماذا عن قانون الانتخاب؟

30 سبتمبر 2021
الانتخابات النيابية حسمت.. ماذا عن قانون الانتخاب؟

كتب المحرر السياسي: “بات شبه محسوم أن الانتخابات النيابية ستجري بعدما تعهدت حكومة “معًا للإنقاذ” بتنظيمها، وحددت موعدًا “مبكرًا” لها في نهاية آذار المقبل، استباقًا لشهر رمضان المبارك الذي قد لا يتيح للمرشحين القيام بحملاته بالشكل المطلوب، وباشرت بالتحضيرات اللوجستية لها على أكثر من صعيد.

لا يعني ذلك أن موجات “التشكيك” بوجود قرار سياسي بإجراء الانتخابات قد انتهت عمليًا، حيث يعتقد كثيرون أن الأمر لن يكون بيد الحكومة وحدها، بل إن البرلمان هو صاحب القرار النهائي، علمًا أن تجارب سابقة أظهرت كيف أن قرار “التمديد” المثير للجدل لا يخرج سوى في ربع الساعة الأخير.من هنا، لا تزال الخشية التي قد تكون “مشروعة” لدى كثيرين من أن يكون كل ما يحصل مجرد “مناورة” لن يتأخر الوقت قبل كشف “خباياها”، خصوصًا أن البلاد لم تدخل حتى الآن أجواء الانتخابات خلافًا للعرف المتعارف عليه، لكنه رأي يصطدم بآخر يعتبر الانتخابات من “الشروط” المفروضة دوليًا والتي لا يمكن القفز فوقها.

تعديل قانون الانتخاب “حتمي”بمعزل عن هذا النقاش الذي قد لا يكون سابقًا لأوانه باعتبار أن الظروف التي ستشهدها البلاد من الآن وحتى موعد الانتخابات المفترضة هو الذي سيرسم “مصيرها”، تطرح تساؤلات حول قانون الانتخاب الذي ستجرى على أساسه، في ظل شبه “يقين” بأن ثمة تعديلات جوهرية وضرورية لا بد من إدخالها على القانون الحالي، انطلاقًا من اعتبارات “لوجستية” بالحد الأدنى، وتفاديًا لأي طعن بالانتخابات برمتها.في هذا السياق، يؤكد الخبراء الانتخاببون أن النعديلات “حتمية”، ولو أنها لا يفترض أن تمس بأساس الانتخابية، سواء لجهة النظام الانتخابي أو آلية الاقتراع أو طريقة الفرز واحتساب الأصوات. ومن هذه التعديلات على سبيل المثال لا الحصر، ما يرتبط بالبطاقة الممغنطة، والميغاسنتر، وربما كذلك بعض التفاصيل المرتبطة بالتمويل والإنفاق الانتخابيين بما يتناسب مع التغييرات التي طرأت على سعر العملة.وثمة من يتحدث أيضًا عن تعديلات شبه محسومة على المادة المتعلقة بتصويت المغتربين التي لا يزال الجدال بشأنها “حاميًا” في البلد، علمًا أنه حتى في حال الاتفاق على عدم حرمانهم من هذا الحق، ثمة نقاش مفتوح حول “الآلية”، علمًا أن القانون ينص على انتخاب هؤلاء ستة ممثلين لهم يضافون إلى النواب المقيمين، الأمر الذي لا يبدو معظم الأفرقاء متحمسين له، كما أن صعوبات لوجستية قد تمنع تنفذه في الدورة الحالية.ماذا لو فتحت “ورشة التعديل”؟استنادًا إلى ما تقدم، تصبح المعادلة واضحة. الانتخابات النيابية ستجري في آذار وفق قانون الانتخابات الحالي، لكن بعد إجراء بعض التعديلات المفترض أن تكون “طفيفة وشكلية” عليه، منعًا لأي مخالفة لنصوصه ومواده تفتح المجال لأي خاسر أو متضرر من نتيحة الانتخابات، أن يقدم طعنًا “مضمونًا” بالعملية الانتخابية برمتها.لكن هنا بالتحديد تظهر خشية أخرى للخبراء الانتخابات، فماذا لو فتحت “ورشة” تعديل القانون الانتخابية؟ ومن يضمن ألا تجر التعديلات تعديلات أخرى تمس “جوهر” القانون ومتنه، خصوصًا أن العديد من الأفرقاء عبروا مرارًا وتكرارًا عن نيتهم تغيير القانون بعد تجربة 2018 “غير المشجعة”، رغم إجماع المراقبين على أن الكتل السياسية “فصّلت” القانون “على مقاسها”.صحيح أن تعديل قانون الانتخاب من حق النواب، وصحيح أن تعديل القانون الحالي قد يكون مطلبًا محقًا، خصوصًا أنه أبعد ما يكون عن “المثالية”، لكونه يخلو من الكثير من البنود الإصلاحية، فضلا عن كونه، بدوائره الصغرى وحاصله المرتفع، أفرغ النسبية من مضمونها، لكن الخشية الأكبر، بالنسبة للعارفين، تبقى أن يكون مثل هذا التعديل “اللغم” الذي يمهد الطريق للإطاحة بالانتخابات، بذرائع “تقنية”.لا شك أن الانتخابات منتظَرة من معظم اللبنانيين. هناك من يرى أنها ستكون بمثابة “فشة خلق”، ومن يعتقد أنها لن تغير الكثير، لكن هناك من يقرأ فيها “مفتاح الحل” للأزمات، إذا ما أفرزت خريطة سياسية جديدة يمكن البناء عليها في القادم من الأيام. لكن، في كلتا الحالتين، يبقى الأكيد أن “ورشة الإنقاذ” لا تنتظر، وعلى الحكومة التصدي لها بالتوازي مع التحضيرات للانتخابات.