لم تحسم السعودية موقفها او طريقة تعاملها مع لبنان بعد تشكيل الحكومة الجديدة،لكن الاكيد ان العامل الشخصي الذي كان يسود ايام تكليف الرئيس سعد الحريري والذي اوحى بسلبية مطلقة من الرياض لم يعد قائما.
باتت السعودية اليوم تتعاطى مع الملف اللبناني ضمن حسابات سياسية بحتة، خصوصا انها تعتبر ان التوازن السياسي في البلد ليس موجودا، وان حزب الله كسره لمصلحته في السنوات الماضية وعليه فإن خصومتها مع الحزب تفرص هذا الجفاء مع لبنان.ترى الرياض ان اي استثمار سياسي ومالي للمساهمة في انقاذ لبنان يجب ان يرتبط بثمن سياسي، ليس بالضرورة على طريقة التسويات القديمة، لكنها لن تقدم نصرا جديدا للحزب حتى لو كانت قد بدأت مسارا تفاوضيا مع ايران، فالامر مختلف.
لكن الفراغ الذي تتركه السعودية في لبنان يؤثر على نفوذها، وعلى قدرتها في الشارع السني، او اقله هذا ما يظنه البعض، الذي يضيف انه ،حتى مصر تتحرك سياسيا في لبنان منعا لأي استغلال تركي او ايراني او حتى غربي للانهيار الحالي.وفي رأي البعض ان الوجدان السني الشعبي في لبنان مرتبط بالرياض بشكل كبير، وان اي نفوذ آخر سيكون مؤقتاً الى حين تقرر الرياض العودة السياسية الى الساحة اللبنانية، وهذا ما يبدو واضحا للسعوديين ايضاً، وإلا لما كانوا خاطروا بحضورهم ونفوذهم وتأثيرهم في لبنان.لدى السعودية اليوم اولويات جدية وكثيرة، في السياسة والامن والاقتصاد، تجعلها منشغلة عن لبنان، لكنها في الوقت نفسه تبحث عن تسوية اقليمية تخفف عنها اعباء الخوض في تعقيدات هذا البلد واشكالاته وتحافظ في الوقت نفسه على حضورها فيه.يرجح بعض المطلعين على الموقف الفرنسي، ان السعودية لن تعزز حضورها على الساحة اللبنانية قبل الانتخابات، ولن تعطل اي رغبة خليجية بالمساعدة السياسية او المالية، ولكنها في المقابل ستستمر في انكفائها عن لبنان الى حين ظهور نتائج الانتخابات النيابية ومعرفة التوازنات السياسية الجديدة.وفي رأي مراقبين سياسيين فان الرياض تنتظر امرين من الانتخابات، الاول معرفة موقع الغالبية النيابية المقبلة وما اذا كانت ستكون مع حزب الله او ضده، والثاني هو مصير الاكثرية النيابية على الساحة السنية، وتحديدا النتائج التي سيحققها تيار المستقبل شعبيا ، والى حينه ستسيطر المراوحة على العلاقة اللبنانية السعودية.