هذا ما فعله … وهذا ما أزعج المراهنين على الفشل

3 أكتوبر 2021
هذا ما فعله … وهذا ما أزعج المراهنين على الفشل

كان كثيرون يراهنون على خلاف ما بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي حول تشكيل الوفد اللبناني إلى المفاوضات المقبلة مع صندوق النقد الدولي. لكن إعتبار رئيس الحكومة أن من حق رئيس الجمهورية تسمية من يشاء، بغض النظر عمّا إذا كانت هذه المفاوضات تدخل من ضمن المعاهدات الدولية التي أناطها الدستور حصرًا برئيس الجمهورية، فاجأ أصحاب النيات الخبيثة وأزعجهم.  

المهمّ بالنسبة إليه النتائج وليس الوسيلة. وطالما أن نتائج أي بحث ستصّب في نهاية الأمر في مجلس الوزراء، الذي تعود له وحده صلاحية القرار، فليس من المفيد بشيء إفتعال بطولات وهمية سيكون لها تأثير سلبي على المفاوضات.
الموضوع الملحّ والمهمّ بالنسبة إلى رئيس الحكومة أن يذهب الوفد اللبناني إلى التفاوض مع صندوق النقد الدولي برؤية واحدة وبإرقام موحدّة، وليس كما حصل في السابق عندما تضاربت الأرقام بين وزارة المال وحاكمية مصرف لبنان، إضافة إلى أرقام لجنة المال والموازنة.  

فإذا كانت هذه الأرقام موحدّة، وكذلك الرؤية، فإنه من المتوقع أن تبدأ هذه المفاوضات سريعًا ومن دون أي تأخير، على أن تنتهي إلى نتيجة حاسمة وإيجابية  قبل نهاية السنة، على أن يحيل مجلس الوزراء، بعد موافقته ، ما يكون قد تمّ الإتفاق عليه بين الوفدين اللبناني والدولي على مجلس النواب قبل الإنتخابات النيابية في آذار، بحيث تصبح هذه الإتفاقات قوانين سارية المفعول فور إقرارها وصدورها في الجريدة الرسمية. 
المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لن تكون سهلة، كما يقول بعض العارفين في كيفية مقاربة المسؤولين عن هذا الصندوق المواضيع المدرجة على جدول أعمال المفاوضات، بإعتبار أن ثمة شروطًا سيحاول هؤلاء المسؤولون فرضها على لبنان، وفي طليعتها حتمية إجراء إصلاحات إدارية ومالية سريعة، فضلًا عن رفض لبنان أي شروط قد يشتمّ بأنها تتعارض مع السيادة اللبنانية. وهذا الأمر محسوم بالنسبة إلى الوفد اللبناني، الذي سيذهب إلى هذه المفاوضات برؤية واحدة سواء بالنسبة إلى مواضيع البحث، أو بالنسبة إلى ما يُمكن أن يمرّر من شروط لا يمكن القبول بها، على رغم حاجته الماسّة إلى كل مساعدة ممكنة من أي جهة، ولكن ليس بأي ثمن.  
فهذا الأمر هو من الثوابت. ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن لبنان الذاهب إلى هذه المفاوضات سيحاول “التشاطر” على الصندوق الدولي، وهو بالتأكيد لن يحاول أن يفرض شروطه المحصورة بالأمور التقنية، بل سيكون مرنًا في المسائل التي لها علاقة مباشرة في كيفية التعاطي مع موضوع الإصلاحات بكثير من الإيجابية، مع مواكبة عملية من قِبل مجلس الوزراء بالقيام بالخطوات الإجرائية الضرورية للبدء بالورشة الإصلاحية. وأولى هذه الخطوات، كما هو متوقع، إقدامه في الأسابيع المقبلة على حسم موضوع التعيينات في السلكين القضائي والخارجي، والإتفاق على تعيينات إدارية في مواقع حسّاسة وضرورية، ولها علاقة مباشرة بشفافية التعاطي الرسمي مع ملفات إصلاحية اساسية. 
يبقى أمر أخير، وهو إلزامية توقيع كل عضو في هذا الوفد على بيان موحدّ حول الإلتزام الواجبي بضرورة الحفاظ على سرّية المفاوضات والحرص على عدم تسريب أي كلمة عنها، سواء أكانت إيجابية أو سلبية. وهذا الأمر يضمن سلامة سير العملية التفاوضية، ويفرض الجدّية المطلوبة فيها، والتي يبقى نجاحها مرهونًا بالنتائج النهائية. وبذلك يكون التفاوض محصّنًا من أي خرق محتمل من قِبل بعض المتضررين، الذين سيحاولون بشتى الطرق والوسائل التشويش على هذه المفاوضات والحؤول دون وصولها إلى خواتيم عملية وإيجابية.