حركة دبلوماسية نشطة.. “جرعة دعم” للبنان والكرة تبقى في ملعبه

4 أكتوبر 2021
حركة دبلوماسية نشطة.. “جرعة دعم” للبنان والكرة تبقى في ملعبه

كتب المُحرّر السياسي:
 
مجدّدًا، تتصدّر الدبلوماسية المشهد السياسي اللبناني، في ضوء رصد حركة “نشطة” لافتة بدأت في أعقاب تأليف الحكومة الجديدة ومباشرتها عملها رسميًا بعد نيلها ثقة البرلمان، وبلغت مرحلة متقدّمة في عطلة نهاية الأسبوع، على أن تستكمل، بل تصل إلى “ذروتها” ربما خلال الأسبوع الحالي، الذي يصحّ وصفه بـ”الدبلوماسي بامتياز”.
 
في هذا السياق، تستضيف العاصمة اللبنانية بيروت خلال هذا الأسبوع عددًا من الدبلوماسيين والضيوف الأجانب، بينهم وزير خارجية ايران حسين أمير عبد اللهيان، إضافة إلى وزيري خارجية المانيا وقبرص الذين سيزورون لبنان تباعًا، علمًا أنّ “أجندة” رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حافلة بدءًا من اليوم بلقاءاتٍ مع السفراء والدبلوماسيّين.
 
وتأتي هذه الحركة الدبلوماسية في الداخل، بعد حراك خارجيّ سُجّل في اليومين الماضيين، بدفعٍ من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث حضر الملف اللبنانيّ، ولو بخجل، على “طاولة” المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في المملكة العربية السعودية، وإن استبعدت أيّ نتائج “مباشرة” لها في المدى المنظور.
 
“جرعة دعم”
 
صحيح أنّ هناك من يقلّل من شأن “الزخم الدبلوماسي”، انطلاقًا من زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الرياض، والتي كان فيها الملفّ اللبناني “مجرّد تفصيل” وفقًا لبعض التقديرات، التي ترجّح ان يكون البحث شمل بالدرجة الأولى العلاقة مع إيران، في ضوء محادثات الاتفاق النووي التي يتوقع استئنافها في القريب العاجل، إضافة إلى المحادثات المستمرّة أيضًا بين الرياض وطهران، وإن كانت في مراحل “استكشافية” وفق تصنيف السعوديين، 
 
وصحيح أيضًا أنّ الزيارات الدبلوماسيّة المتسارعة لبيروت هذا الأسبوع، ربما تندرج في سياق “تنافس” إيراني-أوروبي، إن جاز التعبير، من الساحة اللبنانية، لا سيما أنّ الفرنسيين يريدون إنجاح مبادرتهم الإنقاذيّة بكلّ ما أوتوا من قوة، وهم ينظرون بحذر إلى محاولات إيران “التسلّل” إلى الساحة، وفق ما يقول خصومها، من بوابة “المازوت” أولاً، وعبر “حليفها” الدائم، أي “حزب الله”.
 
لكنّ الأكيد أنّه، وبمُعزَلٍ عن كلّ هذه القراءات والتفسيرات والتحليلات، وما قد تنطوي عليه من “تكهّنات” قد تقترب وتبتعد عن الواقع، خصوصًا لجهة حديث البعض عن “أجندات” لا تزال “خفيّة”، أنّ هذا النشاط الدبلوماسيّ المتزايد لا بدّ أن يشكّل “جرعة دعم” للبنان الذي يحتاج في هذه المرحلة، كما يؤكد الرئيس ميقاتي باستمرار، إلى كل مساعدة ومساندة من الدول الصديقة والشقيقة، للنهوض من جديد.
 
الحكومة تترقّب
 
وفيما يترقّب اللبنانيون نتيجة الزخم الدبلوماسيّ المتزايد تجاه لبنان، يبقى الثابت الذي يتكرّر على كلّ الألسنة منذ أشهر طويلة أنّ “الكرة” تبقى في “ملعب” الحكومة اللبنانية، التي يبدو أنّها أصبحت “جاهزة” أخيرًا للقيام بدورها على هذا الصعيد، بعد تشكيل وفدها الرسمي لخوض المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولو أنّ البعض بدأ يخشى من “شروط” قد يرفع بوجهها “فيتو” من شأنه الإطاحة بكلّ شيء.
 
من هنا، فإنّ المتوقّع من الزيارة المرتقبة إلى لبنان هذا الأسبوع هو أن تخرج بالخلاصات القديمة الجديدة نفسها، بمعنى أنّ المجتمع الدولي “جاهز” لمساعدة لبنان، خصوصًا بعد تشكيل الحكومة الجديدة، لكنّ الأمر لن يحصل إلا بعد أن تبدأ الأخيرة تأدية الدور المطلوب منها، وإطلاق ورشة الإصلاحات الموعودة، منذ مؤتمر سيدر، والتي تعهّدت الحكومة أصلاً المضيّ بها إلى الأمام في بيانها الوزاري.
 
ويقول العارفون إنّ الرئيس نجيب ميقاتي يعطي هذا الموضوع حيّزًا أساسيًا من اهتمامه، فهو وإن بدأ نشاطاته الخارجية بزيارة “استثنائية” إلى فرنسا، ويتطلع لجولةٍ أخرى تقودها إلى دول عربية في المقام الأول، يدرك أنّ “الأساس” يبقى من الداخل، ولذلك هو ينكبّ مع فريقه الحكومي على إعداد “خطّة التعافي الماليّ” التي ستشكّل “حجر الأساس” في خريطة طريق الإنقاذ، وفي الحوار مع صندوق النقد والمجتمع الدولي.
 
قد يرى كثيرون في الزخم الدبلوماسيّ عاملاً إيجابيًا في الشكل قبل المضمون، فهو يدحض فرضيّات الحصار والمؤامرة، التي لطالما اشتكى منها البعض في لبنان، لكنّه في الوقت نفسه، ينبغي أن يذكّر الجميع بالمسؤوليات الملقاة على كاهلهم، فنجاح الحكومة مهمّة “جماعية” يفترض بكلّ مكوّناتها السعي لتحقيقه، بعيدًا عن كلّ “خطايا” المراحل السابقة، التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه!