هل تبتعد السياسة عن التفاوض مع صندوق النقد الدولي؟

4 أكتوبر 2021
هل تبتعد السياسة عن التفاوض مع صندوق النقد الدولي؟

أعطى تشكيل لجنة التفاوض مع صندوق النقد الدولي في الجلسة الأولى لحكومة ″معا للانقاذ″ بعد نيلها ثقة مجلس النواب، مؤشرات إيجابية حول جدية الالتزام بالتعهد الذي قدمه الرئيس نجيب ميقاتي الى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبما ورد في البيان الوزاري، خصوصا أن التفاوض مع صندوق النقد الدولي يعتبر الخطوة الأولى على طريق الاصلاحات وإستعادة الثقة الدولية وإستدراج المساعدات الموعودة من هبات وقروض من الدول المانحة بما يساعد على وقف الانهيار.

بالرغم من كل المآسي التي تعصف بلبنان، ما يحتم على الجميع الارتقاء الى مستوى المسؤولية الوطنية لتوحيد الجهود على طريق المواجهة وإيجاد المعالجات للأزمات المتوالدة، سارع البعض الى التنقيب عن مضمون جلسة الحكومة الأولى، وكيفية تشكيل لجنة التفاوض مع صندوق النقد الدولي ومن ربح ومن خسر سياسيا من خلالها، في محاولة تهدف الى وضع العصي في القطار الحكومي،وصرف الأنظار عن المشكلات الأساسية بتفاصيل سئم المواطنون من التعاطي بها، خصوصا بعدما باتت الهموم الحياتية تتقدم على كل التجاذبات والصراعات السياسية.

بات واضحا أن لا خلاف بين رئيسي الجمهورية والحكومة حول تشكيل لجنة التفاوض، وأن هذا البند لم يشهد صراعات أو تجاذبات أو تنازلات أو تسويات من أي جهة، لان لا احد يمتلك ترف الوقت لينصرف الى تشريح اللجنة لمعرفة الخفايا السياسية التي ساهمت في تكوينها، حيث يفترض بها أن تبادر فورا الى مباشرة العمل لانجاز مهمتها في إنهاء العملية التفاوضية قبل رأس السنة، خصوصا أنه مع حلول العام الجديد يبدأ العد العكسي للانتخابات النيابية .لذلك، فإن من أولى مهام اللجنة هو العمل على توحيد الأرقام المالية التي ستتقدم بها الى صندوق النقد، خصوصا بعد فضيحة إختلاف الأرقام بين وزارة المالية ومصرف لبنان وجمعية المصارف والتي ظهرت في حكومة حسان دياب ما دفع شركة “لازارد” الى المغادرة وهي على خلاف مع لجنة المال والموازنة.من هنا، فإن الرئيس ميقاتي طلب تكثيف الاجتماعات للوصول الى أرقام موحدة توحي بالثقة أمام الصندوق، ولتحديد الخسائر وتقسيمها بين الأطراف الثلاثة ، حيث شدد رئيس الحكومة في أكثر من مناسبة على أن المودعين هم الطرف الأخير الذي يجب أن يتحمل الخسائر، خصوصا أنهم لم يكونوا شركاء في أرباح المصارف التي تراكمت لأكثر من عقدين من الزمن، وبالتالي لا يمكن أن يكونوا شركاء في الخسائر التي من الطبيعي أن تتحملها المصارف الى جانب الدولة ومصرف لبنان، وكبار المودعين لا سيما أصحاب الودائع الاستثمارية الذين جنوا من خلالها أرباحا طائلة وعلى مدار سنوات.تقول مصادر سياسية مطلعة: إن تشكيل الحكومة برئاسة ميقاتي أوقف لبنان عند مسافة قريبة جدا من نقطة الارتطام الكبير، والمطلوب اليوم الابتعاد بالبلد عن هذه النقطة، وتغيير المسار صعودا، وهذا ما يتطلب التخلي عن كل الانانيات والمصالح السياسية، ودخول الجميع في ورشة العمل الوطنية لبلوغ الانقاذ المنشود من خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ووضع تصفية الحسابات جانبا ولو لفترة قصيرة.