دعم حكومة ميقاتي ضرورة مُلحة للوصول إلى نتيجة سريعًا مع صندوق النقد

7 أكتوبر 2021
دعم حكومة ميقاتي ضرورة مُلحة للوصول إلى نتيجة سريعًا مع صندوق النقد

كتب البروفيسور جاسم عجاقة في “الديار”:البرنامج الحكومي الذي سيتم التفاوض عليه مع صندوق النقد الدولي هو عبارة عن برنامج ستتقدّم به حكومة الرئيس ميقاتي ويحوي على النقاط التالية:أولا – موازنة 2022: وضع موازنة العام 2022 والموازنات اللاحقة، تكون واقعية مع هدف واضح وهو إعادة السيطرة على العجز في الموازنة. هذا الأمر يفرض العديد من النقاط التي لها علاقة بالمالية العامة نذكر منها الدين العام، الضرائب، الرسوم، كتلة الأجور، المؤسسات العامة، المؤسسات العامة ذات طابع إقتصادي – خدماتي (مثل شركة الكهرباء)، التهريب، التهرب الضريبي… وغيرها من النقاط الضرورية الأخرى.

ثانيًا – وضع تصور واضح للسياسة النقدية في المرحلة المقبلة أي يكون فيها الهدف الوسيط هو لجم التضخّم مع سعر صرف مُحرر وموجّه سيكون أغلب الظن التداول فيه على منصة صيرفة بعد إعادة توحيد سعر الصرف على سعر مرتبط بسرعة تنفيذ الإجراءات التي تأخذها حكومة ميقاتي. ويبقى الأهم أن تحديد الفوائد سيُترك للسوق على أن تكون الفائدة على المدى القصير من إختصاص مصرف لبنان التي هي تدخل أصلا ضمن صلاحياته وأدواته للسيطرة على التضخمّ.

ثالثاً – طرح حلّ لإعادة هيكلة الدين العام الذي حاولت حكومة الرئيس حسان دياب تحميله للقطاع المصرفي (مصرف لبنان والقطاع المصرفي) وهو ما يترك تداعيات حتمية على أموال المودعين. وبالتالي فإن أي حل ستطرحه حكومة الرئيس ميقاتي، يجب أن يأخذ بعين الإعتبار أن قسما كبيراً من دين الدولة هو من أموال المودعين، وأن أي تفليس للمصارف للتهرب من الاعتراف بخسائر الدولة ومسؤولياتها يعني تطيير الودائع. وبالتالي فإن الحديث عن كيفية توزيع الخسائر الناتجة عن وقف دفع سندات اليوروبوندز على الأفرقاء أي الدولة اللبنانية، مصرف لبنان، والمصارف اللبنانية وإستطرادًا كبار المودعين، هو أمر لا يستقيم من دون تحمّل الدولة لمسؤوليتها تجاه مقرضيها ولو على المدى الطويل.
رابعًا – طرح خطة لترشيق القطاع العام أي تخفيف عدد العاملين في القطاع العام وتخفيف عدد المؤسسات العامة غير المجدية وعددها 90 مؤسسة. على هذا الصعيد، يُتداول في أروقة الحكومة طرح عن خفض عدد الموظفين عبر التخلي عن خدماتهم بكل بساطة. بالطبع مثل هذا الطرح سيكون له تداعيات سلبية على الصعيد الإجتماعي وبالتالي هناك طرح قد يأخذه المعنيون بعين الاعتبار وهو نقل الموظفين إلى القطاع الخاص ضمن عقود الشراكة مع القطاع الخاص وهو أمر يريح الخزينة العامة وفي نفس الوقت يحفظ الشق الإجتماعي.خامسًا – طرح خطة لمحاربة الفساد يكون بين بنودها إستقلالية القضاء ومكننته، الحكومة الإلكترونية، تفعيل التفتيش المركزي، إطلاق تدقيق جنائي في مؤسسات الدولة ووزاراتها خصوصًا أن هناك 27 مليار دولار أميركي مجهولة المصير كما جاء في تقرير ديوان المحاسبة. أيضًا سيكون هناك طرح لتعزيز الشفافية في العمل الحكومي فيما يخص آلية تحضير الموازنة وكل العمل الحكومي عامة.سادسًا – الشق الإجتماعي الذي يسمح بمواجهة الأزمة الصعبة التي يواجهها الشعب اللبناني خصوصًا مع نسب فقر تخطّت الـ 70%. بالطبع هذا الأمر سيكون بالتعاون مع البنك الدولي الذي يدخل هذا الشق في صلب أعماله.سابعًا – بما أن صندوق النقد الدولي سيمنح الدولة قرضًا، بالتالي سيفرض على الحكومة إقرار قانون الكابيتال كونترول والذي يضمن عدم خروج هذه الأموال إلى الخارج إلا ضمن إطار مدروس ومقبول كما سيُطالب بمحاربة التهريب عبر الحدود نظرًا إلى أن التهريب يُشكل أداة حادة لإخراج الأموال خارج لبنان.ثامنًا – وضع خطة لكل مرفق عام وعلى رأسها قطاع الكهرباء الذي يعتبره المجتمع الدولي أولوية الأولويات. هذا الأمر قد يأخذ نقاشًا مستطردًا خصوصًا أن الصندوق قد يكون ميالا إلى الخصخصة.تاسعًا – وضع خطّة إقتصادية يكون هدفها تحفيز الإقتصاد ومساعدته على العودة إلى تسجيل فائض في الميزان الأولي يكون أعلى من قيمة خدمة الدين العام وهو الشرط الأساسي لعودة الإنتظام المالي للدولة اللبنانية.على كل الأحوال وبغض النظر عن محتوى الخطة وأهميته، ففي التوازي مع ذلك هناك ضرورة لتوحيد الموقف داخليًا والذهاب برأي واحد مع دعم واضح من قبل القوى السياسية لحكومة الرئيس ميقاتي في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي. هذا الأمر هو شرط أساسي لنجاح المفاوضات والخروج من الأزمة التي تخطّت الخطوط الحمر على كل الأصعدة. وبإعتقادنا إذا لم يتم التوصل إلى إتفاق مع الصندوق في نهاية هذا العام، فإن لبنان يتجه أكثر فأكثر، وبخطى ثابتة إلى المجهول.وبحسب معلومات “البناء” فإن صندوق النقد يولي أهمية كبيرة لملف الانفاق العام لا سيما في قطاع الكهرباء الذي يكلف المالية العامة ملياري دولار سنوياً وسيجري البحث مطولاً بكيفية إزالة هذا العبء المالي من خلال إصلاح قطاع الكهرباء وبناء معامل للإنتاج.وأشارت مصادر مطلعة على ملف التفاوض مع صندوق النقد لـ”البناء” إلى أن “مفتاح أي دعم للبنان أكان مساعدة أو استثمار خارجي هو التفاوض مع الصندوق وهذا ورد على ألسنة كافة المبعوثين والمسؤولين الدوليين الذين زاروا لبنان أو التقاهم رئيس الحكومة خلال جولته الأوروبية أو في لبنان، فالقوى الكبرى تتبع سياسة العصا والجزرة مع لبنان – التفاوض مقابل مشاريع استثمارية المرهونة بدورها بالإصلاحات إضافة إلى سياسة الدفع التدريجي للأموال مقابل كل إصلاح». وكشفت المصادر أن “عملية التفاوض انطلقت عملياً عبر اجتماعات تجري عبر تقنية “زوم” التي ستعتمد في أغلب الاجتماعات إلا إذا تطورت المفاوضات إلى توقيع اتفاقيات، وحينها يتمّ الحضور المباشر”، وتضيف: “التواصل بدأ بين الحكومة والصندوق قبل أن تأخذ الحكومة الثقة، حيث طلب الصندوق أرقاماً وبيانات اقتصادية ومالية نقدية تم الرد عليها من قبل الحكومة ما يظهر رغبة لديها في التعامل مع الصندوق فضلاً عن أن الأخير لم يقطع التواصل مع لبنان في كافة المراحل عبر الزيارات السنوية للقيام بعملية تقييم لمؤسسات ووزارات الدولة كون لبنان عضواً في الصندوق”.