كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”: عبء إضافي يضاف الى الهموم المعيشية التي تثقل كاهل المواطن الفقير وصاحب الدخل المحدود بل المسروق بالعملة الوطنية. “الدولار التأميني” أصبح “فريش” ايضاً ، ضمن “تراند” (Trend) الدولرة التي تتظهّر قسرياً رويداً رويداً، وذلك مع طلب المستشفيات الحصول على كلفة الفاتورة الإستشفائية نقداً.
بعد “تقصير” شركات التأمين عن تغطية المؤمنين حاملي البوالص الإستشفائية والمخبرية على عكس ما هو وارد في العقد الموقع بينها وبين المضمون، وبالتالي تكبيد المستشفيات المضمونين قيمة الفروقات بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار من 1500 ليرة الى 18000 ألف ليرة طوال فترة تقارب العامين، ورفع الدعم عن المازوت ومستلزمات طبية وأدوية…، حسمت شركات التأمين أمرها وقررت منذ بداية الشهر الجاري تقاضي أقساط البوالص الإستشفائية بالـ”الفريش دولار” فقط لا غير لتلبية مدفوعات المستشفيات التي تنشد تقاضي فواتيرها نقداً وبالعملة الخضراء.
كلفة الأقساط
في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كانت شركات التأمين لا تزال تتقاضى بوالص التأمين وفق سعر الصرف الرسمي أي 1500 ليرة للدولار، إلا أنها في آذار 2021 رفعت دولارها التأميني الى معدّل وسطي بقيمة 3900 ليرة وذلك بعد عدم قبول اصحاب المستشفيات احتساب الدولار على السعر الرسمي. أما في العام الجاري فصدر حكم تحرير سعر صرف الليرة الإستشفائية إزاء الدولار مسجّلاً وثبة كبيرة مع احتساب الدولار على سعر صرف السوق السوداء.
وهذا الأمر يطرح تساؤلات حول الكلفة التي سيدفعها المؤمّن على قسط بوليصة التأمين للفرد الواحد. فإذا كان يسدّد ما قيمته 1000 دولار على سبيل المثال، اي بقيمة 5,850 ملايين ليرة لبنانية استناداً الى الـ3900 ليرة للدولار، هل سيتحوّل الرقم الى 18 مليون ليرة لبنانية اي بزيادة بقيمة نحو 12.150 مليون ليرة لبنانية اذا ما احتسب الدولار على سعر 18 ألف ليرة، وهي زيادة تعتبر خيالية لمن ليس لديه أي جهة ضامنة أخرى كالضمان الإجتماعي والتعاونية … ؟
أوضح مدير الاكتتاب للاستشفاء والحياة في شركة آروب للتأمين جورج محفوض أن سعر بوليصة التأمين الإستشفائية بالـ”فريش” ستنخفض بمعدّل 25% عن السعر الأساسي لها أي ستصبح تقريباً بوليصة الألف دولار بقيمة 750 دولاراً أو ما يعادل 13,500 مليون ليرة أي بزيادة بأكثر من 3 أضعاف.
والمفارقة أن تسعير الأقساط لا يحتسب وفق ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء فحسب، بل استناداً الى الكلفة التي ارتفعت بعد رفع الدعم. اذ إن كلفة العملية الواحدة قد تكون في السابق على سبيل المثال بقيمة 3000 دولار اليوم وبعد رفع الدعم أصبحث بـ7000 دولار.
فالزامية المضمونين بتسديد الدولار النقدي، تضع المضمونين الذين لا يتقاضون دولاراً “كاش” وهم غالبية، أمام واقع عدم تجديد بوليصة التأمين نظراً الى الكلفة المرتفعة التي ستترتب عليه خصوصاً لمن يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية وليس لديه مصدر دخل بالدولار أو غير قادر على شراء “العملة الخضراء” من السوق السوداء في حال أصرت الشركة على تقاضي القسط بالعملة الخضراء، ما يشكل مسرباً فرعياً للضغط على السوق السوداء، حتى أن التسديد بالليرة اللبنانية سيكون باهظاً ومكلفاً جداً ويحتاج الى عشرات الملايين خصوصاً لمن يضمن عائلته، مع احتساب قيمة القسط حسب سعر السوق السوداء. اذاً “كيف ما برمتها” الكلفة غير مقبولة في ظلّ الوضع المزري الذي يعيشه المواطنون مع انهيار العملة لأكثر من 80%.