خرج أخيراً أحد زوار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من اللقاء معه بانطباع مفاده أنّ الرجل كان مرتاحاً خلال التكليف اكثر مما هو عليه بعد التأليف، اولاً لضخامة المسؤوليات الملقاة على عاتقه خصوصاً ان روما من تحت هي غيرها من فوق، وثانياً بسبب بعض الاحتكاكات في الاسلاك السياسية التي تستجِرّ منها الحكومة طاقة.
أمام هذه «الانبعاثات» الأولية وما يمكن أن يليها في المستقبل، يبدو ان ميقاتي المعروف بأنه صاحب نفس طويل وخبير في تدوير الزوايا والخلافات، لن يقبل باستخدامه حَطباً في موقدة المصالح الانتخابية والسياسية، ولن يسمح بأن يكون كبش محرقة للقوى التي تريد أن تصفّي حسابات او ان تلجأ الى الشعبوية لربح الانتخابات على حسابه، كما تؤكد شخصية سياسية على صِلة به.وبناء عليه، تُحذّر تلك الشخصية من انّ الرجل الذي اشتهر بديبلوماسيته ومرونته حتى اقصى الحدود الى درجة انه قادر على احتواء ألد خصومه وكسب ودهم، قد يضطر في لحظة ما الى استخراج الجانب الخشن والمُستتِر من شخصيته واتخاذ مواقف حاسمة وقاطعة، اذا وجد انّ ذلك ضرورياً لحماية التجربة المتجددة التي يخوضها في السلطة، لا سيما انه يعتبر انّ المهمة التي وافقَ على تأديتها لا تتحمّل القسمة على اثنين، فإمّا ان تنجح ولو بالحد الأدنى المقبول وامّا ان تفشل، وعندها لن تقتصر التبرعات السلبية عليه بل البلد برمّته يكون قد خسر فرصة ثمينة وربما أخيرة لبدء رحلة الإنقاذ.
ولئن كان ميقاتي لم يحسم حتى الآن قراره بالترشح الى الانتخابات النيابية من عدمه، الا ان داعمين له يجدون انه صار ضرورياً ان يعمد الى تطوير موقعه ودوره، وبالتالي الخروج من إطار الزعامة المناطقية ضمن طرابلس الى حدود أوسع، على المستويين السني والوطني، ما يستوجِب بالدرجة الأولى نجاحه كرئيس للحكومة في لجم الانهيار.