3 عقبات أمام “حزب الله” قبل الانتخابات.. ما هي؟

8 أكتوبر 2021
3 عقبات أمام “حزب الله” قبل الانتخابات.. ما هي؟

لا ينكُر “حزب الله” ضراوة المعركة التي يخوضها في الداخل والخارج، إذ يعتبر أنه يواجه حصاراً من مختلف الجوانب سواء السياسية أو الاقتصادية. غير أنّ الثابت الأساسي حالياً هو أن قرار الحزب بالانخراط بالانتخابات النيابية المُقبلة يحملُ أبعاداً هامّة، أساسها ترسيخ القوة وتكريس المرجعية السياسية بشكل أكبر ومُداراة الواقع الداخلي بشكل أعمق.

وعلى أرض الواقع، فإنّ الحزب بدأ يعدّ العُدّة للاستحقاق القادم، وقد انطلقَ برسمِ الخطوط العريضة لتلك المرحلة سواء لناحية التحالفات أو من خلال مقاربة العناوين التي سيُطلقها. واليوم، فإنّ المراقبين والعارفين بكيفية تعاطي الحزب بشؤون الانتخابات، يشيرون إلى أنه شرع في تقييم الشعارات القادمة ودراستها، على اعتبار أن المعركة الحالية تضمنت اتجاهات جديدة وسط الأزمة التي يعيشها المواطنون، وتحديداً أبناء الطائفة الشيعية.

أما الأمر الأساس، فهو أن التوجيهات داخل الحزب باتت واضحة للتأكيد على “حتمية” إجراء الانتخابات في موعدها، وإن كانت هناك قناعة لديه بأن إمكانية تأجيل الاستحقاق الدستوري، قد تكون مطروحة وقائمة.وعلى الصعيد السياسي، فإن توجهات الحزب معروفة من حيث التحالفات، لكن الأمر الأهم يرتبط في كيفية الاستفادة منها لتحقيق أكثرية نيابية. ومن شبه المؤكد أنّ “حزب الله” لن ينفصل عن التيار الوطني الحر كما أن الالتزام والترابط مع حركة “أمل” باقٍ ومستمر. وفي مناطق عديدة، سيعيد الحزب النظر ببعض التحالفات على أن يبادر إلى تثبيت القديم منها بشكل أكبر. ولكن وسط كل ذلك، ما هي العقبات التي سيواجهها حزب الله في معركته؟في الشكل والمضمون، فإنّ أبرز العقبات التي يواجهها الحزب تتحدّد في إمكانية تحصين الطائفة الشيعية من أي خرق سياسي وانتخابي خصوصاً في الدوائر التي تمثل ثقلاً شعبياً بالنسبة له. واليوم، تعي قيادة الحزب أن هناك تململاً واضحاً وانقساماً داخل الطائفة بسبب الأوضاع المتدهورة، حتى أن هناك نية لدى الكثيرين في عدم المشاركة في الانتخابات بسبب فقدان الثقة بالأحزاب. وهنا، تكمن المشكلة الأساسية التي يجدر على الحزب معالجتها بالطرق المطلوبة، لا سيما أن أي ضعف في المشاركة سيرتدّ عليه سلباً، وقد يكون لصالح ميزان الجهات الأخرى التي تطرح نفسها كبديل تمثيلي ضمن الطائفة.إضافة إلى ذلك، فإنّ هناك مشكلة أكبر تتحدّد بسلوك الحزب وانفتاحه على أي تسوية جديدة تُجبره على اعتماد أسلوب المُهادنة مع الخصوم. وتفصيلاً، فإن المسألة الأساسية ترتبط بوجود إمكانية كبيرة لتحقيق “حزب الله” أكثرية نيابية مع حلفائه، باعتبار أن ذلك يجعلهم يتحكمون بالمسار السياسي لـ4 سنوات أخرى، كما أن هذا الأمر يمكنهم من انتخاب رئيس جمهورية من صفّهم.وهنا، ثمة من يقول أن الخارج سيرى من جديد أن الحزب أمسك أكثر بزمام الأمور في الدولة، وبالتالي ستكون هناك جولة أخرى من تضييق الخناق اقتصادياً وسياسياً، الأمر الذي سيرتد سلباً على بيئة الحزب أولاً وعلى باقي الأطراف ثانياً. في المقابل، فإن هناك وجهة نظر ثانية تشير إلى أنّ الخارج سيقتنع بموازين القوى الجديدة التي قد يكون لـ”حزب الله” كتلة وازنة فيها، وبالتالي فإنّه سيتم التعامل على هذا الأساس لا سيما أن المطالبات الخارجية لم تهدف إلى “تحييد حزب الله” بقدر ما كان هناك تأكيد على أنه من المكونات الأساسية، وهذا الكلام فرنسيّ بشكل أساس.وفي ظل هذه المشهدية، فإنّ طريقة التعاطي مع المرحلة التي تتلو الانتخابات هي المحوريّة، وقد يكون المطلوب من الحزب تخفيض بعض سقوف التحدي، وهذا الأمر ينطلق من الداخل أولاً. وما لا يمكن نكرانه هنا أنّ إمكانية تقديم التنازلات سواء على الجبهتين الداخلية والخارجية، قد ترتبط بتسوية إقليمية على اعتبار أن المنطقة ذاهبة إلى هدوءٍ وتوافق لا تصادم لا سيما بين إيران والمملكة العربية السعودية. ولكن السؤال الأساس هنا الذي يطرح نفسه: هل سيقبل حزب الله بتقديم تنازلات على حساب شعاراته التي خاض بها معاركه العديدة، وهل سيغير من توجهات سياساته ونمط خطابه خصوصاً اتجاه دول الخليج، وهل سيلتزم بسياسة المُهادنة المطلوبة لانقاذ لبنان؟ومع هذا، فإنّ العقبة الأخرى التي يحتاج “حزب الله” إلى حلّها بوقت سريع من أجل ضمان أكثرية نيابية، تتحدّد في إعادة وصل الحلفاء مع بعضهم البعض، خصوصاً “التيار الوطني الحر” و “تيار المردة”. وهنا، فإن المهمّة قد تكون صعبة ولكنها ليست مستحيلة طالما أن الأهداف الانتخابية تضمن تكريس نفوذ القوى بشكل أكبر، وتقطع الطريق أمام الخصوم.وفي المحصّلة، فإنّ حيثيات هذه الأمور ستظهر تباعاً مع الوقت، واليوم فإن معركة الحزب مثل باقي الأحزاب والتيارات السياسية هي معركة أهداف وخطط واضحة للخروج من المأزق الحالي، وما يمكن قوله أكثر أن المعركة صعبة على الجميع باعتبار أن الظروف والتحولات كثيرة، وبات التأثير على البيئات الشعبية أصعب من السابق.